responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 267
تَرَى أَنَّهُ يَنْفَعُكَ. فَإِنَّهُ يَضُرُّكَ. وَقِيلَ: مَا أَمْلَقَ تَاجِرٌ صَدُوقٌ.

[فَصْلٌ تَعْرِيفُ الصِّدْقِ]
فَصْلٌ
قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ ":
الصِّدْقُ: اسْمٌ لِحَقِيقَةِ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ حُصُولًا وَوُجُودًا.
الصِّدْقُ: هُوَ حُصُولُ الشَّيْءِ وَتَمَامُهُ، وَكَمَالُ قُوَّتِهِ، وَاجْتِمَاعُ أَجْزَائِهِ، كَمَا يُقَالُ: عَزِيمَةٌ صَادِقَةٌ. إِذَا كَانَتْ قَوِيَّةً تَامَّةً، وَكَذَلِكَ: مَحَبَّةٌ صَادِقَةٌ، وَإِرَادَةٌ صَادِقَةٌ. وَكَذَا قَوْلُهُمْ: حَلَاوَةٌ صَادِقَةٌ: إِذَا كَانَتْ قَوِيَّةً تَامَّةً ثَابِتَةَ الْحَقِيقَةِ. لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا شَيْءٌ.
وَمِنْ هَذَا أَيْضًا: صِدْقُ الْخَبَرِ. لِأَنَّهُ وُجُودُ الْمُخْبَرِ بِتَمَامِ حَقِيقَتِهِ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ.
فَالتَّمَامُ وَالْوُجُودُ نَوْعَانِ: خَارِجِيٌّ، وَذِهْنِيٌّ. فَإِذَا أَخْبَرْتَ الْمُخَاطَبَ بِخَبَرٍ صَادِقٍ حَصَلَتْ لَهُ حَقِيقَةُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ بِكَمَالِهِ وَتَمَامِهِ فِي ذِهْنِهِ.
وَمِنْ هَذَا: وَصْفُهُمُ الرُّمْحَ بِأَنَّهُ صَادِقُ الْكُعُوبِ إِذَا كَانَتْ كُعُوبُهُ صُلْبَةً قَوِيَّةً مُمْتَلِئَةً.

[دَرَجَاتُ الصِّدْقِ]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صِدْقُ الْقَصْدِ]
قَالَ: وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ. الدَّرَجَةُ الْأُولَى: صِدْقُ الْقَصْدِ. وَبِهِ يَصِحُّ الدُّخُولُ فِي هَذَا الشَّأْنِ. وَيُتَلَافَى بِهِ كُلُّ تَفْرِيطٍ. وَيُتَدَارَكُ بِهِ كُلُّ فَائِتٍ. وَيَعْمُرُ كُلُّ خَرَابٍ. وَعَلَامَةُ هَذَا الصَّادِقِ: أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ دَاعِيَةً تَدْعُو إِلَى نَقْضِ عَهْدٍ. وَلَا يَصْبِرَ عَلَى صُحْبَةِ ضِدٍّ. وَلَا يَقْعُدَ عَنِ الْجِدِّ بِحَالٍ.
يَعْنِي بِصِدْقِ الْقَصْدِ: كَمَالَ الْعَزْمِ، وَقُوَّةَ الْإِرَادَةِ، بِأَنْ يَكُونَ فِي الْقَلْبِ دَاعِيَةٌ صَادِقَةٌ إِلَى السُّلُوكِ، وَمَيْلٌ شَدِيدٌ يَقْهَرُ السِّرَّ عَلَى صِحَّةِ التَّوَجُّهِ. فَهُوَ طَلَبٌ لَا يُمَازِجُهُ رِيَاءٌ وَلَا فُتُورٌ. وَلَا يَكُونُ فِيهِ قِسْمَةٌ بِحَالٍ. وَلَا يَصِحُّ الدُّخُولُ فِي شَأْنِ السَّفَرِ إِلَى اللَّهِ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِلِقَائِهِ إِلَّا بِهِ.
وَيُتَلَافَى بِهِ كُلُّ تَفْرِيطٍ. فَإِنَّهُ حَامِلٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ يَنَالُ بِهِ الْوُصُولَ، وَقَطْعِ كُلِّ سَبَبٍ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. فَلَا يَتْرُكُ فُرْصَةً تَفُوتُهُ. وَمَا فَاتَهُ مِنَ الْفُرَصِ السَّابِقَةِ تَدَارَكَهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. فَيُصْلِحُ مِنْ قَلْبِهِ مَا مَزَّقَتْهُ يَدُ الْغَفْلَةِ وَالشَّهْوَةِ. وَيُعَمِّرُ مِنْهُ مَا خَرَّبَتْهُ

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست