responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 380
(اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَذَوِيهِ) فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، ثُمَّ وَافَقَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ جَرَى فِي فُتُوحِ مِصْرَ وَالْعِرَاقِ، وَأَرْضِ فَارِسَ، وَسَائِرِ الْبِلَادِ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً لَمْ يَقْسِمْ مِنْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ قَرْيَةً وَاحِدَةً.
وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ اسْتَطَابَ نُفُوسَهُمْ وَوَقَفَهَا بِرِضَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ نَازَعُوهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ يَأْبَى عَلَيْهِمْ، وَدَعَا عَلَى بلال وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَكَانَ الَّذِي رَآهُ وَفَعَلَهُ عَيْنَ الصَّوَابِ وَمَحْضَ التَّوْفِيقِ، إِذْ لَوْ قُسِمَتْ لَتَوَارَثَهَا وَرَثَةُ أُولَئِكَ وَأَقَارِبُهُمْ، فَكَانَتِ الْقَرْيَةُ وَالْبَلَدُ تَصِيرُ إِلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ صَبِيٍّ صَغِيرٍ، وَالْمُقَاتِلَةُ لَا شَيْءَ بِأَيْدِيهِمْ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْفَسَادِ وَأَكْبَرُهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَافَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْهُ، فَوَفَّقَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِتَرْكِ قِسْمَةِ الْأَرْضِ، وَجَعَلَهَا وَقْفًا عَلَى الْمُقَاتِلَةِ، تَجْرِي عَلَيْهِمْ فَيْئًا حَتَّى يَغْزُوَ مِنْهَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ، وَظَهَرَتْ بَرَكَةُ رَأْيِهِ وَيُمْنُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَوَافَقَهُ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ إِبْقَائِهَا بِلَا قِسْمَةٍ، فَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَكْثَرُ نُصُوصِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِيهَا تَخْيِيرَ مَصْلَحَةٍ، لَا تَخْيِيرَ شَهْوَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ قِسْمَتَهَا قَسَمَهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلَحُ أَنْ يَقِفَهَا عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَقَفَهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلَحُ قِسْمَةَ الْبَعْضِ وَوَقْفَ الْبَعْضِ فَعَلَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ، فَإِنَّهُ قَسَمَ أَرْضَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، وَتَرَكَ قِسْمَةَ مَكَّةَ، وَقَسَمَ بَعْضَ خَيْبَرَ، وَتَرَكَ بَعْضَهَا لِمَا يَنُوبُهُ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَعَنْ أحمد رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْشِئَ الْإِمَامُ وَقْفَهَا، وَهِيَ مَذْهَبُ مالك.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ يَقْسِمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَمَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمُ الْمَنْقُولَ، إِلَّا أَنْ يَتْرُكُوا حُقُوقَهُمْ مِنْهَا، وَهِيَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أبو حنيفة: الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَابَهَا فِيهَا بِالْخَرَاجِ، وَبَيْنَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ عَنْهَا وَيُنْفِذَ إِلَيْهَا قَوْمًا آخَرِينَ يَضْرِبُ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 380
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست