responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 381
وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي فَعَلَ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمُخَالِفٍ لِلْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الْغَنَائِمِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِتَخْمِيسِهَا وَقِسْمَتِهَا، وَلِهَذَا قَالَ عمر: إِنَّهَا غَيْرُ الْمَالِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ إِبَاحَةَ الْغَنَائِمِ لَمْ تَكُنْ لِغَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، بَلْ هُوَ مِنْ خَصَائِصِهَا، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: ( «وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي» ) وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَرْضَ الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِي الْكُفَّارِ لِمَنْ قَبْلَنَا مِنْ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ، إِذَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا عَنْوَةً، كَمَا أَحَلَّهَا لِقَوْمِ مُوسَى، فَلِهَذَا قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21] [الْمَائِدَةِ: 21] فَمُوسَى وَقَوْمُهُ قَاتَلُوا الْكُفَّارَ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَجَمَعُوا الْغَنَائِمَ، ثُمَّ نَزَلَتِ النَّارُ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهَا، وَسَكَنُوا الْأَرْضَ وَالدِّيَارَ وَلَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِمْ، فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَأَنَّهَا لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ.

[فصل يُمْنَعُ قِسْمَةُ مَكَّةَ لِأَنَّهَا دَارُ نُسُكٍ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا مَكَّةُ، فَإِنَّ فِيهَا شَيْئًا آخَرَ يَمْنَعُ مِنْ قِسْمَتِهَا، وَلَوْ وَجَبَتْ قِسْمَةُ مَا عَدَاهَا مِنَ الْقُرَى، وَهِيَ أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ، فَإِنَّهَا دَارُ النُّسُكِ، وَمُتَعَبَّدُ الْخَلْقِ، وَحَرَمُ الرَّبِّ تَعَالَى، الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ، فَهِيَ وَقْفٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ ( «وَمِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» ) قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] [الْحَجِّ: 25] ، وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ هُنَا، الْمُرَادُ بِهِ الْحَرَمُ كُلُّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] [التَّوْبَةِ: 28] ، فَهَذَا الْمُرَادُ بِهِ الْحَرَمُ كُلُّهُ، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] [الْإِسْرَاءِ: 1] ، وَفِي الصَّحِيحِ: إِنَّهُ ( «أُسْرِيَ بِهِ مِنْ بَيْتِ أم هانئ» ) وَقَالَ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست