responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 43
[فَصْلٌ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]
فَصْلٌ: [الْمَخْرَجُ الرَّابِعُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]
الْمَخْرَجُ الرَّابِعُ: أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي يَمِينِهِ أَوْ طَلَاقِهِ، وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ؛ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيقَاعِ وَالْحَلِفِ، فَإِذَا قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَوْ " أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَوْ " إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَوْ " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَوْ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ " نَفَعَهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَوْضِعِ [الَّذِي] يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ، فَاشْتَرَطَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ اتِّصَالَهُ بِالْكَلَامِ فَقَطْ، سَوَاءٌ نَوَاهُ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ عَقَدَ الْيَمِينَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ عَنَّ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي أَثْنَاءِ الْيَمِينِ فَوَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ، وَإِنْ نَوَى الِاسْتِثْنَاءَ مَعَ عَقْدِ الْيَمِينِ صَحَّ وَجْهًا وَاحِدًا، وَقَدْ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ «أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى كَذَا وَكَذَا امْرَأَةً تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: قُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ قَالَهَا لَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي نَفْعِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَقْصُودِ بَعْدَ عَقْدِ الْيَمِينِ.
وَثَبَتَ فِي السُّنَنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، ثُمَّ سَكَتَ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ لَمْ يَغْزُهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 23 - 24] فَهَذِهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا [أَلْبَتَّةَ] فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَنَفْعِهِ أَنْ يَنْوِيَهُ مَعَ الشُّرُوعِ فِي الْيَمِينِ، وَلَا قَبْلَهَا، بَلْ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ " لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا "، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ مَنْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ يَمِينِهِ، سَوَاءٌ نَوَى الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى نَفْعِ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ النِّسْيَانِ أَظْهَرُ دَلَالَةً.
وَمَنْ شَرَطَ النِّيَّةَ قَبْلَ الْفَرَاغِ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ النِّسْيَانِ عِنْدَهُ تَأْثِيرٌ، وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ بِآخِرِهِ، وَهُوَ كَلَامٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ،، وَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي أَجْزَائِهِ، وَأَبْعَاضِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَسْتَحْضِرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ مَا يَرْفَعُ بَعْضَهَا، وَلَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فِي حَالِ تَكَلُّمِهِ بِهَا، فَيَقُولُ: لِزَيْدٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ فِي الْحَالِ يَذْكُرُ أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْهَا مِائَةً فَيَقُولُ: إلَّا مِائَةً، فَلَوْ اشْتَرَطَ نِيَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَ الْفَرَاغِ لَتَعَذَّرَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست