responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 42
وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ عُمَرَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بِهَذَا، وَلَكِنَّهُ قَالَ: فَرَفَعَ إلَى عُمَرَ فَأَبَانَهَا مِنْهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ خِلَافُهُ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ تَنْفِيذُ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ سِوَى هَذَا الْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْهُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ، وَلَوْ صَحَّ إبَانَتُهَا مِنْهُ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي الْوُقُوعِ، بَلْ لَعَلَّهُ رَأَى مِنْ الْمَصْلَحَةِ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهُمَا لَا يَتَصَافَيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَلْزَمَهُ بِإِبَانَتِهَا.
وَلَكِنَّ الشَّعْبِيَّ وَشُرَيْحًا وَإِبْرَاهِيمَ يُجِيزُونَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ حَتَّى قَالَ إبْرَاهِيمُ: لَوْ وَضَعَ السَّيْفَ عَلَى مَفْرِقِهِ ثُمَّ طَلَّقَ لَأَجَزْتُ طَلَاقَهُ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ ثَالِثٌ: قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: ثنا ابْنُ إدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي الرَّجُلِ يُكْرَهُ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أَمْرِ الْعَتَاقِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَقَالَ: إذَا أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ جَازَ، وَإِذَا أَكْرَهَهُ اللُّصُوصُ لَمْ يَجُزْ، وَلِهَذَا الْقَوْلِ غَوْرٌ وَفِقْهٌ دَقِيقٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.
فَصْلٌ:
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُكْرَهِ يَظُنُّ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهِ فَيَنْوِيهِ، هَلْ يَلْزَمُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهُمَا وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَمَنْ أَلْزَمَهُ رَأَى أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ قَارَنَتْ اللَّفْظَ، وَهُوَ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى النِّيَّةِ، فَقَدْ أَتَى بِالطَّلَاقِ الْمَنْوِيِّ اخْتِيَارًا فَلَزِمَهُ، وَمَنْ لَمْ يُلْزِمْهُ بِهِ رَأَى أَنَّ لَفْظَ الْمُكْرَهِ لَغْوٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، وَهِيَ لَا تَسْتَقِلُّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ.
فَصْلٌ:
وَاخْتُلِفَ فِي مَا لَوْ أَمْكَنَهُ التَّوْرِيَةُ فَلَمْ يُوَرِّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ تَرَكَهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ التَّوْرِيَةَ عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ، مَعَ أَنَّ التَّوْرِيَةَ هُنَاكَ أَوْلَى، وَلَكِنَّ الْمُكْرَهَ إنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِمَعْنَاهُ، وَلَا مُرِيدٍ لِمُوجِبِهِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهِ فِدَاءً لِنَفْسِهِ مِنْ ضَرَرِ الْإِكْرَاهِ، فَصَارَ تَكَلُّمُهُ بِاللَّفْظِ لَغْوًا بِمَنْزِلَةِ كَلَامِ الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَمَنْ لَا قَصْدَ لَهُ، سَوَاءٌ وَرَّى أَوْ لَمْ يُوَرِّ.
وَأَيْضًا فَاشْتِرَاطُ التَّوْرِيَةِ إبْطَالٌ لِرُخْصَةِ التَّكَلُّمِ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَرُجُوعٌ إلَى الْقَوْلِ بِنُفُوذِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ وَرَّى بِغَيْرِ إكْرَاهٍ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ، وَالتَّأْثِيرُ إذًا إنَّمَا هُوَ لِلتَّوْرِيَةِ لَا لِلْإِكْرَاهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُوَرِّيَ إنَّمَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ مَعَ قَصْدِهِ لِلتَّكَلُّمِ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَدْلُولَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ ثَابِتٌ فِي الْإِكْرَاهِ، فَالْمَعْنَى الَّذِي مَنَعَ مِنْ النُّفُوذِ فِي التَّوْرِيَةِ هُوَ الَّذِي مَنَعَ النُّفُوذَ فِي الْإِكْرَاهِ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست