responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 44
عَلَيْهِ اسْتِدْرَاكُ ذَلِكَ وَأُلْجِئَ إلَى الْإِقْرَارِ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ وَالْكَذِبِ فِيهِ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْإِخْبَارِ فَمِثْلُهُ فِي الْإِنْشَاءِ سَوَاءٌ؛ فَإِنَّ الْحَالِفَ قَدْ يَبْدُو لَهُ فَيُعَلِّقُ الْيَمِينَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَقَدْ يَذْهَلُ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ عَنْ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ، أَوْ يَشْغَلُهُ شَاغِلٌ عَنْ نِيَّتِهِ، فَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُ الِاسْتِثْنَاءُ حَتَّى يَكُونَ نَاوِيًا لَهُ مِنْ أَوَّلِ يَمِينِهِ لَفَاتَ مَقْصُودُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَحَصَلَ الْحَرَجُ الَّذِي رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْأُمَّةِ بِهِ، وَلَمَّا قَالَ لِرَسُولِهِ إذَا نَسِيَهُ {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24] وَهَذَا مُتَنَاوِلٌ لِذِكْرِهِ إذَا نَسِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قَطْعًا، فَإِنَّهُ سَبَبُ النُّزُولِ، وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَتَخْصِيصُهُ؛ لِأَنَّهُ مُرَادٌ قَطْعًا، وَأَيْضًا فَإِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ إنْ طَرَدَهُ لَزِمَهُ أَلَّا يَصِحَّ مُخَصِّصٌ مِنْ صِفَةٍ أَوْ بَدَلٍ أَوْ غَايَةٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ بِإِلَّا وَنَحْوِهَا حَتَّى يَنْوِيَهُ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ؛ فَإِذَا قَالَ ": لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ إلَى سَنَةٍ " هَلْ يَقُولُ عَالِمٌ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِالتَّأْجِيلِ حَتَّى يَكُونَ مَنْوِيًّا مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ؟ .
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ " بِعْتُك هَذَا بِعَشَرَةٍ " فَقَالَ " اشْتَرَيْتُهُ عَلَى أَنَّ لِي الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ، بَلْ عَنَّ لَهُ الِاشْتِرَاطُ عَقِيبَ الْقَبُولِ.
وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ ": وَقَفْت دَارِي عَلَى أَوْلَادِي أَوْ غَيْرِهِمْ بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ فُقَرَاءَ مُسْلِمِينَ، أَوْ مُتَأَهِّلِينَ، وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِلْبَاقِينَ " صَحَّ ذَلِكَ، وَإِنْ عَنَّ لَهُ ذِكْرُ هَذِهِ الشُّرُوطِ بَعْدَ تَلَفُّظِهِ بِالْوَقْفِ.
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: لَا تُقْبَلُ مِنْهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَوَاهَا قَبْلَ الْوَقْفِ أَوْ مَعَهُ، وَلَمْ يَقَعْ فِي زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ قَطُّ سُؤَالُ الْوَاقِفِينَ عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةً " فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَنْفَعُهُ، وَلَا يَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ: إنْ كُنْت نَوَيْت الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِك لَزِمَك تِسْعُونَ، وَإِنْ كُنْت إنَّمَا نَوَيْتَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَزِمَك مِائَةٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحَالُ لَبَيَّنَ لَهُ الْحَاكِمُ ذَلِكَ، وَلَسَاغَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ بَلْ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ نَوَى ذَلِكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ إذَا طَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَهُ أَرْضًا فَقَالَ: نَعَمْ بِعْتُهُ هَذِهِ الْأَرْضَ إلَّا هَذِهِ الْبُقْعَةَ، لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بَيْعَ الْأَرْضِ جَمِيعِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَوَى اسْتِثْنَاءَ الْبُقْعَةِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ، وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مَكَّةَ: إنَّهُ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: إلَّا الْإِذْخِرَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: إلَّا الْإِذْخِرَ» وَقَالَ فِي أَسْرَى بَدْرٍ: «لَا يَنْفَلِتُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: إلَّا سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ، فَقَالَ: إلَّا سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ.» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الِاسْتِثْنَاءَيْنِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ، بَلْ اسْتَثْنَاهُ لَمَّا ذُكِّرَ بِهِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَّرَهُ بِهِ الْمِلْكُ نَفَعَهُ ذَلِكَ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست