responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 54
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ صَرِيحٌ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّتِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الرُّويَانِيِّ، وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَدْ غَلَبَ فِي إرَادَةِ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ، وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمَرْأَةِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ طَلَّقْتُك، أَوْ قَدْ طَلَّقْتُك، أَوْ يَقُولُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ، أَوْ فُلَانَةُ طَالِقٌ، وَنَحْوَ هَذَا، وَلَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ، وَقَالَ: خَطَّأَ اللَّهُ نَوْأَهَا، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ، فَإِذَا قَالَ " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي " لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهُ إلَّا أَنْ يُضِيفَهُ إلَى مَحَلِّهِ، وَلَمْ يُضِفْهُ فَلَا يَقَعُ، وَالْمُوَقِّعُونَ يَقُولُونَ: إذَا الْتَزَمَهُ فَقَدْ لَزِمَهُ، وَمِنْ ضَرُورَةِ لُزُومِهِ إضَافَتُهُ إلَى الْمَحَلِّ، فَجَاءَتْ الْإِضَافَةُ مِنْ ضَرُورَةِ اللُّزُومِ، وَلِمَنْ نَصَرَ قَوْلُ الْقَفَّالِ أَنْ يَقُولَ: إمَّا أَنْ يَكُونَ قَائِلُ هَذَا اللَّفْظِ قَدْ الْتَزَمَ التَّطْلِيقَ أَوْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ أَثَرُهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُطَلِّقَ، وَلَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ الْتَزَمَ الْوُقُوعَ فَالْتِزَامُهُ بِدُونِ سَبَبِ الْوُقُوعِ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُهُ: " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي " الْتِزَامٌ لِحُكْمِهِ عِنْدَ وُقُوعِ سَبَبِهِ، وَهَذَا حَقٌّ، فَأَيْنَ فِي هَذَا اللَّفْظِ وُجُودُ سَبَبِ الطَّلَاقِ؟ وَقَوْلُهُ: " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي " لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا؛ إذْ لَمْ يُضِفْ فِيهِ الطَّلَاقَ إلَى مَحَلِّهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: " الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي "، وَلَمْ يُضِفْ فِيهِ الْعِتْقَ إلَى مَحَلِّهِ بِوَجْهٍ، وَنَظِيرُ هَذَا أَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْنِي أَوْ آجِرْنِي، فَيَقُولُ: الْبَيْعُ يَلْزَمُنِي، أَوْ الْإِجَارَة تَلْزَمُنِي، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُوجِبًا لِعَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ، حَتَّى يُضِيفَهُمَا إلَى مَحَلِّهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: " الظِّهَارُ يَلْزَمُنِي " لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُظَاهِرًا حَتَّى يُضِيفَهُ إلَى مَحَلِّهِ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: " الصَّوْمُ يَلْزَمُنِي، أَوْ الْحَجُّ، أَوْ الصَّدَقَةُ " فَإِنَّ مَحَلَّهُ الذِّمَّةُ وَقَدْ أَضَافَهُ إلَيْهَا.
فَإِنْ قِيلَ: وَهَهُنَا مَحَلُّ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ الذِّمَّةُ. [مَحَلُّ الطَّلَاقِ الزَّوْجَةُ] : قِيلَ: هَذَا غَلَطٌ، بَلْ مَحَلُّ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ نَفْسُ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَإِنَّمَا الذِّمَّةُ مَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ وَهُوَ التَّطْلِيقُ وَالْإِعْتَاقُ، وَحِينَئِذٍ فَيَعُودُ الِالْتِزَامُ إلَى التَّطْلِيقِ وَالْإِعْتَاقِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْوُقُوعَ، وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: " أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ " لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ إذَا نَوَى طَلَاقَهَا هِيَ بِذَلِكَ، تَنْزِيلًا لِهَذَا اللَّفْظِ مَنْزِلَةَ الْكِنَايَاتِ، فَهَذَا كَشَفَ سِرَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَأَكْثَرُ أَيْمَانِ الطَّلَاقِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، فَكَيْفَ يَحِلُّ لِمَنْ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست