responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 53
قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» أَوْلَى وَأَحْرَى، وَإِذَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» فَدُخُولُهَا فِي قَوْلِهِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» أَوْلَى وَأَحْرَى فَإِنَّ الْحَدِيثَ أَصَحُّ وَأَصْرَحُ، وَإِذَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَدُخُولُهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] أَوْلَى وَأَحْرَى بِالدُّخُولِ أَوْ مِثْلِهِ، وَإِذَا دَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] فَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَانَ مُولِيًا فَدُخُولُهَا فِي نُصُوصِ الْأَيْمَانِ أَوْلَى وَأَحْرَى لِأَنَّ الْإِيلَاءَ نَوْعٌ مِنْ الْيَمِينِ؛ فَإِذَا دَخَلَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ فِي النَّوْعِ فَدُخُولُهُ فِي الْجِنْسِ سَابِقٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّ النَّوْعَ مُسْتَلْزِمٌ الْحَبْسَ، وَلَا يَنْعَكِسُ، وَإِذَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: «يَمِينُك عَلَى مَا يُصَدِّقُك بِهِ صَاحِبُك» فَكَيْفَ لَا تَدْخُلُ فِي بَقِيَّةِ نُصُوصِ الْأَيْمَانِ؟ وَمَا الَّذِي أَوْجَبَ هَذَا التَّخْصِيصَ مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ؟ وَإِذَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: «إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ» فَهَلَّا دَخَلَتْ فِي غَيْرِهِ مِنْ نُصُوصِ الْيَمِينِ وَمَا الْفَرْقُ الْمُؤَثِّرُ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا أَوْ لُغَةً؟
وَإِذَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] فَهَلَّا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] وَإِذَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِ الْحَالِفِ " أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي " وَهِيَ الْأَيْمَانُ الَّتِي رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ فَلِمَ لَا تَكُونُ أَوْلَى بِالدُّخُولِ فِي لَفْظِ الْأَيْمَانِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ؟ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُ الطَّلَاقِ يَمِينًا شَرْعِيَّةً بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَهَا وَجَبَ أَنْ تُعْطَى حُكْمَ الْأَيْمَانِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينًا شَرْعِيَّةً كَانَتْ بَاطِلَةً فِي الشَّرْعِ، فَلَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِهَا شَيْءٌ كَمَا صَحَّ عَنْ طَاوُسٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْهُ: " لَيْسَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ شَيْئًا " وَصَحَّ عَنْ عِكْرِمَةَ مِنْ رِوَايَةِ سُنَيْدِ بْنِ دَاوُد بْنِ عَلِيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْهُ أَنَّهَا مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ لَا يَلْزَمُ بِهَا شَيْءٌ، وَصَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ قَاضِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُد بْنِ عَلِيٍّ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ عَلَى شَيْءٍ لَا تَفْعَلُهُ هِيَ كَقَوْلِهِ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَ: لَا تَطْلُقُ إنْ كَلَّمَتْهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ بِيَدِهَا إنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ وَإِنْ شَاءَتْ أَمْسَكَتْ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، كَقَوْلِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ لَهُمْ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ إنْ نَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ، وَجَعَلَهُ هَؤُلَاءِ كِنَايَةً، وَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست