responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 227
فَإِيجَارُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ مُخَالِفَةٌ صَرِيحَةٌ لِشَرْطِهِ، مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَفْسَدَةِ بَلْ الْمَفَاسِدِ الْعَظِيمَةِ.
وَيَا لِلَّهِ الْعَجَبَ، هَلْ تَزُولُ هَذِهِ الْمَفَاسِدُ بِتَعَدُّدِ الْعُقُودِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؟ وَأَيُّ غَرَضٍ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَمْنَعَ الْإِجَارَةَ لِأَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ يُجَوِّزُهَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ؟ وَإِذَا أَجَّرَهُ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ، أَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: وَفَّى بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ؟ هَذَا مَنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلِ وَأَقْبَحِ الْحِيَلِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَتَعْرِيضٌ لِإِبْطَالِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَأَنْ لَا يَسْتَمِرَّ نَفْعُهَا، وَأَلَّا يَصِلَ إلَى مَنْ بَعْدَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَمَا قَارَبَهَا، فَلَا يَحِلُّ لِمُفْتٍ أَنْ يُفْتِيَ بِذَلِكَ، وَلَا لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ، وَمَتَى حَكَمَ بِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةُ الْوَقْفِ، بِأَنْ يَخْرَبَ وَيَتَعَطَّلَ نَفْعُهُ فَتَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَى إيجَارِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً يَعْمُرُ فِيهَا بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ، فَهُنَا يَتَعَيَّنُ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ تَصْحِيحًا لِوَقْفِهِ وَاسْتِمْرَارًا لِصَدَقَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا خَيْرًا مِنْ بَيْعِهِ وَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْبَيْعُ أَوْ الِاسْتِبْدَالُ خَيْرًا مِنْ الْأُجْرَةِ، وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ.
وَاَلَّذِي يَقْضِي مِنْهُ الْعَجَبُ التَّحَيُّلُ عَلَى مُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَقَصْدِهِ الَّذِي يَقْطَعُ بِأَنَّهُ قَصْدُهُ مَعَ ظُهُورِ الْمَفْسَدَةِ، وَالْوُقُوفُ مَعَ ظَاهِرِ شَرْطِهِ وَلَفْظِهِ الْمُخَالِفِ لِقَصْدِهِ وَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَرْضَاةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَصْلَحَةِ الْوَاقِفِ وَزِيَادَةِ أَجْرِهِ وَمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَحُصُولِ الرِّفْقِ بِهِ مَعَ كَوْنِ الْعَمَلِ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا يُغَيِّرُ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَيَجْرِي مَعَ ظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ قَصْدُهُ بِخِلَافِهِ.
وَهَلْ هَذَا إلَّا مِنْ قِلَّةِ الْفِقْهِ؟ بَلْ مِنْ عَدَمِهِ، فَإِذَا تَحَيَّلْتُمْ عَلَى إبْطَالِ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ حَيْثُ يَتَضَمَّنُ الْمَفَاسِدَ الْعَظِيمَةَ فَهَلَّا تَحَيَّلْتُمْ عَلَى مَقْصُودِهِ وَمَقْصُودِ الشَّارِعِ حَيْثُ يَتَضَمَّنُ الْمَصَالِحَ الرَّاجِحَةَ بِتَخْصِيصِ لَفْظِهِ أَوْ تَقْيِيدِهِ أَوْ تَقْدِيمِ شَرْطِ اللَّهِ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ شَرْطَ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ، بَلْ يَقُولُونَ هَا هُنَا: نُصُوصُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، وَهَذِهِ جُمْلَةٌ مِنْ أَبْطَلْ الْكَلَامِ، وَلَيْسَ لِنُصُوصِ الشَّارِعِ نَظِيرٌ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَبَدًا، بَلْ نُصُوصُ الْوَاقِفِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا التَّنَاقُضُ وَالِاخْتِلَافُ، وَيَجِبُ إبْطَالُهَا إذَا خَالَفَتْ نُصُوصَ الشَّارِعِ وَإِلْغَاؤُهَا، وَلَا حُرْمَةَ لَهَا حِينَئِذٍ أَلْبَتَّةَ، وَيَجُوزُ - بَلْ يَتَرَجَّحُ - مُخَالَفَتُهَا إلَى مَا هُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهَا وَأَنْفَعُ لِلْوَاقِفِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ اعْتِبَارُهَا وَالْعُدُولُ عَنْهَا مَعَ تَسَاوِي الْأَمْرَيْنِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ مَعَهَا، وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا بَعْدُ، وَنُبَيِّنُ مَا يَحِلُّ الْإِفْتَاءُ بِهِ وَمَا لَا يَحِلُّ مِنْ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ؛ إذْ الْقَصْدُ بَيَانُ بُطْلَانِ هَذِهِ الْحِيلَةِ شَرْعًا وَعُرْفًا وَلُغَةً.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست