responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 226
وَالْإِقْرَارِ الْبَاطِلِ؛ فَتَقْلِيدُ عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَعْذَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ تَلْقِينِ الْكَذِبِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.
فَصْلٌ
وَلَهُمْ حِيلَةٌ أُخْرَى - وَهِيَ أَنَّ الَّذِي يُرِيدُ الْوَقْفَ يُمَلِّكُهُ لِبَعْضِ مَنْ يَثِقُ بِهِ ثُمَّ يَقِفُهُ ذَلِكَ الْمُمَلَّكِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ اقْتِرَاحِهِ - وَهَذَا لَا شَكَّ فِي قُبْحِهِ وَبُطْلَانِهِ؛ فَإِنَّ التَّمْلِيكَ الْمَشْرُوعَ الْمَعْقُولَ أَنْ يَرْضَى الْمُمَلِّكِ بِنَقْلِ الْمِلْكِ إلَى الْمُمَلَّكِ بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يَجِبُ مِنْ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ، وَهُنَا قَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْحَفَظَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِالْعَبْدِ وَمَنْ يُشَاهِدُهُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ هَذَا الْمُمَلِّكِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِنَقْلِ الْمِلْكِ إلَى هَذَا، وَلَا خَطَرَ لَهُ عَلَى بَالٍ، وَلَوْ سَأَلَهُ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَلَعَلَّهُ كَانَ لَمْ يَسْمَحْ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ إلَّا بِوَقْفِهِ عَلَى الْمُمَلَّكِ خَاصَّةً، بَلْ قَدْ مَلَّكَهُ إيَّاهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَيْهِ بِهِ وَقْفًا إمَّا بِشَرْطٍ مَذْكُورٍ وَإِمَّا بِشَرْطٍ مَعْهُودٍ مُتَوَاطَأٍ عَلَيْهِ، وَهَذَا تَمْلِيكٌ فَاسِدٌ قَطْعًا، وَلَيْسَ بِهِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا هَدِيَّةٍ وَلَا وَصِيَّةٍ وَلَا إبَاحَةٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى الْمَشْرُوطِ فِيهَا الْعَوْدُ إلَى الْمُعَمِّرِ، فَإِنَّ هُنَاكَ مَلَّكَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَشَرَطَ الْعَوْدَ، وَهُنَا لَمْ يُمَلِّكْهُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ غَيْرَ قَاصِدٍ مَعْنَاهُ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يُصَدِّقُهُ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا حَقِيقَةَ الْمِلْكِ، بَلْ هُوَ اسْتِهْزَاءٌ بِآيَاتِ اللَّهِ وَتَلَاعُبٌ بِحُدُودِهِ، وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا الطَّرِيقَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُغْنِيَةَ عَنْ هَذِهِ الْحِيلَةِ الْبَاطِلَةِ.

[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَأْجِيرِ الْوَقْفِ مُدَّةً طَوِيلَةً]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيلَةً لِتَأْجِيرِ الْوَقْفِ مُدَّةً طَوِيلَةً]
وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ: تَحَيُّلُهُمْ عَلَى إيجَارِ الْوَقْفِ مِائَةَ سَنَةٍ مَثَلًا، وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَلَّا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؛ فَيُؤَجِّرُهُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ بَاطِلَةٌ قَطْعًا، فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ دَفْعَ الْمَفَاسِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى طُولِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّهَا مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَكَمْ قَدْ مُلِكَ مِنْ الْوُقُوفِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ وَخَرَجَ عَنْ الْوَقْفِيَّةِ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَاسْتِيلَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا عَلَى الْوَقْفِ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ وَوَرَثَتُهُ سِنِينَ بَعْدَ سِنِينَ؟ وَكَمْ فَاتَ الْبُطُونَ اللَّوَاحِقَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ بِالْإِيجَارِ الطَّوِيلِ؟ وَكَمْ أُوجِرَ الْوَقْفُ بِدُونِ إجَارَةِ مِثْلِهِ لِطُولِ الْمُدَّةِ وَقَبْضِ الْأُجْرَةِ؟ وَكَمْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْعَقَارُ أَضْعَافَ مَا كَانَتْ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِيفَائِهَا؟ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَفَاسِدُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ تُفَوِّتُ الْعَدَّ، وَالْوَاقِفُ إنَّمَا قَصَدَ دَفْعَهَا، وَخَشِيَ مِنْهَا بِالْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ، فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي شَرَطَهَا،

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست