responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 228
[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَفْعَلَ مَا لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَفْعَلَ مَا لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ عَادَةً] : وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَمِثْلُهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ أَصْلًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ السُّلْطَانُ أَنْ لَا يَبِيعَ كَذَا، وَلَا يَحْرُثَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَلَا يَزْرَعُهَا، وَلَا يَخْرُجُ هَذَا مِنْ بَلَدِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ، إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا مِنْ أَبْرَدِ الْحِيَلِ وَأَسْمَجِهَا وَأَقْبَحِهَا، وَفِعْلُ ذَلِكَ هُوَ الْحِنْثُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ، وَلَا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ حَانِثٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْحَفَظَةُ - بَلْ وَالْحَالِفُ نَفْسُهُ - أَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْأَمْرِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ ذَلِكَ، لَا عَلَى مُبَاشَرَتِهِ، وَالْحِيَلُ إذَا أَفَضْت إلَى مِثْلِ هَذَا سَمُجَتْ غَايَةَ السَّمَاجَةِ، وَيَلْزَمُ أَرْبَابُ الْحِيَلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَكْتُبَ لِفُلَانٍ تَوْقِيعًا وَلَا عَهْدًا ثُمَّ أَمَرَ كُتَّابَهُ أَنْ يَكْتُبُوهُ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، سَوَاءٌ كَانَ أُمِّيًّا أَوْ كَاتِبًا، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَحْفِرَ هَذَا الْبِئْرَ، وَلَا يُكْرِيَ هَذَا النَّهْرَ، فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِحَفْرِهِ وَإِكْرَائِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ.

[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ]
وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ، أَوْ لَا يَسْكُنُ فِي الدَّارِ هَذِهِ السَّنَةَ، أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ، قَالُوا: يَأْكُلُ الرَّغِيفَ وَيَدَعُ مِنْهُ لُقْمَةً وَاحِدَةً، وَيَسْكُنُ السَّنَةَ كُلَّهَا إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا، وَيَأْكُلُ الطَّعَامَ كُلَّهُ إلَّا الْقَدْرَ الْيَسِيرَ مِنْهُ وَلَوْ أَنَّهُ لُقْمَةٌ.
وَهَذِهِ حِيلَةٌ بَاطِلَةٌ بَارِدَةٌ، وَمَتَى فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَتَى بِحَقِيقَةِ الْحِنْثِ، وَفَعَلَ نَفْسَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ لَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: يَحْنَثُ بِفِعْلِ [بَعْضِ] الْمَحْلُوفِ [عَلَيْهِ] وَلَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مِثْلَ هَذِهِ الصُّورَةِ قَطْعًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ إذَا أَكَلَ لُقْمَةً مَثَلًا مِنْ الطَّعَامِ الذِّمِّيِّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ أَوْ حَبَّةً مِنْ الْقِطْفِ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْقِطْفَ إلَّا حَبَّةً وَاحِدَةً مِنْهُ، وَعَالِمٌ لَا يَقُولُ هَذَا.
ثُمَّ يَلْزَمُ هَذَا الْمُتَحَيِّلُ أَنْ يُجَوِّزَ لِلْمُكَلَّفِ فِعْلَ كُلِّ مَا نَهَى الشَّارِعُ عَنْ جُمْلَتِهِ فَيَفْعَلُهُ إلَّا الْقَدْرَ الْيَسِيرَ مِنْهُ، فَإِنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ فِي الْأَيْمَانِ نَظِيرُ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَلِذَلِكَ لَا يَبَرُّ إلَّا بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ جَمِيعِهِ، لَا بِفِعْلِ بَعْضِهِ، كَمَا لَا يَكُونُ مُطِيعًا إلَّا بِفِعْلِهِ جَمِيعِهِ، وَيَحْنَثُ بِفِعْلِ بَعْضِهِ كَمَا يَعْصِي بِفِعْلِ بَعْضِهِ، فَيَلْزَمُ هَذَا الْقَائِلُ أَنْ يُجَوِّزَ لِلْمُحْرِمِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست