responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 219
أَشْرَكَ بَيْنَهُمَا فِي الرَّأْيِ وَلَمْ يَرْضَ بِانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَنْفِيذُ قَوْلِهِ وَامْتِثَالُ أَمْرِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُمَا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَهَذَا فَرْقٌ لَا تَأْثِيرَ لَهُ أَلْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ فَإِنَّ احْتِيَاجَ الطَّلَاقِ وَمُفَارَقَةَ الزَّوْجَةِ إلَى الرَّأْيِ وَالْخِبْرَةِ وَالْمُشَاوَرَةِ مِثْلُ احْتِيَاجِ الْخُلْعِ أَوْ أَعْظَمُ، وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - بِبَعْثِ الْحُكْمَيْنِ مَعًا، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالطَّلَاقِ، مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ عِنْدَ الْقِيَاسِيِّينَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُمَا حُكْمَيْنِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادَ، فَمَا بَالُ وَكِيلَيْ الزَّوْجِ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ؟ وَهَلْ هَذَا إلَّا خُرُوجٌ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَمُوجَبِ النَّصِّ؟
وَقُلْتُمْ: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ " طَلِّقِي نَفْسَكِ " ثُمَّ نَهَاهَا فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ نَهَاهُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ طَلَّقَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ: فَخَرَجْتُمْ عَنْ مُوجَبِ الْقِيَاسِ، وَفَرَّقْتُمْ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَهَا تَمْلِيكٌ وَقَوْلَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ تَوْكِيلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بُطْلَانُ هَذَا الْفَرْقِ قَرِيبًا.
وَقُلْتُمْ: لَوْ وَصَّى إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَجَازَ سَيِّدُهُ، وَلَوْ وَكَّلَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَالْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ رَدَّهَا السَّيِّدُ وَلَكِنْ تُكْرَهُ بِدُونِ إذْنِهِ، وَقُلْتُمْ: إذَا أَوْصَى بِأَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْوَصِيُّ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ الْمَيِّتِ، وَفَرَّقْتُمْ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَارِثِ بِحَقِّ الْمِلْكِ فَنَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ خَالَفَ الْمُوصِي، وَتَصَرَّفَ الْوَصِيُّ بِحَقِّ الْوَكَالَةِ فَلَا يَصِحُّ فِيمَا خَالَفَ الْمُوصِي، وَهَذَا فَرْقٌ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ تَعْيِينَ الْمُوصِي لِلْعِتْقِ فِي هَذَا الْعَبْدِ قَطَعَ مِلْكَ الْوَارِثِ لَهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى إلَى أَجْنَبِيٍّ بِعِتْقِهِ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مِنْ التَّرِكَةِ مَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ اللَّازِمَةِ.
وَقُلْتُمْ: لَوْ قَالَ: " ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ " وَأَحَدُهُمَا مَيِّتٌ فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْحَيِّ وَلَوْ قَالَ: " بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ " وَأَحَدُهُمَا مَيِّتٌ فَلِلْحَيِّ نِصْفُهُ، وَهَذَا تَفْرِيقٌ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَقَصْدًا، وَاقْتِضَاءُ الْوَاوِ لِلتَّشْرِيكِ كَاقْتِضَاءِ " بَيْنَ " وَلِهَذَا اسْتَوَيَا فِي الْإِقْرَارِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ لَوْ كَانَا حَيَّيْنِ، وَقُلْتُمْ: لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ، ثُمَّ اكْتَسَبَ مَالًا فَالْوَصِيَّةُ لَازِمَةٌ فِي ثُلُثِهِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ غَنَمِهِ وَلَا غَنَمَ لَهُ ثُمَّ اكْتَسَبَ غَنَمًا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، فَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ، وَفَرَّقْتُمْ تَفْرِيقًا لَا تَأْثِيرَ لَهُ، وَلَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ شَيْءٌ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ

[فَصْلٌ مَثَلٌ مِمَّا جَمَعَ فِيهِ الْقِيَاسِيُّونَ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقَاتِ]
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَعْضَاءِ النَّجِسَةِ، فَنَجَّسْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي يُلَاقِي هَذِهِ وَهَذِهِ عِنْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست