responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 286
يَتَزَوَّجْهَا لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ هُوَ لَا يُمْكِنُ إلَّا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ، فَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِالنِّكَاحِ بَعْضَ تَوَابِعِهِ الَّتِي لَا تَحْصُلُ إلَّا مَعَ وُجُودِهِ، وَهِيَ مِمَّا لَا يَحِلُّ قَصْدُهُ وَإِنْ جَازَ وُجُودُهُ شَرْعًا بِطَرِيقِ الضِّمْنِ، فَهُنَا الْمُحَرَّمُ مُجَرَّدُ الْقَصْدِ فَلَا يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ رَفْعُ النِّكَاحِ وَهُنَا بَقَاؤُهُ، لَكِنْ يُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ فِعْلٌ هُوَ مُحَرَّمٌ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ مُبَاحٌ بِطَرِيقِ التَّبَعِ، وَكَذَلِكَ هُنَا الْمَقْصُودُ غَيْرَةُ الزَّوْجَةِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ مُبَاحٌ بِطَرِيقِ التَّبَعِ.
وَصِحَّةُ هَذَا النِّكَاحِ فِيهَا نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا كَانَ التَّحْرِيمُ فِيهِ لِحَقِّ آدَمِيٍّ يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي فَسَادِهِ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي الذَّبْحِ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ، وَفِي فَسَادِ الْعُقُودِ الَّتِي تَحْرُمُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بِحَقِّ آدَمِيٍّ مِثْلَ بَيْعِهِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَسَوْمِهِ عَلَى سَوْمِهِ، وَنِكَاحِهِ إذَا خَطَبَ عَلَى خِطْبَتِهِ، فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا مَعْرُوفًا، وَمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ اعْتَذَرَ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ الْعَقْدِ. وَإِنَّمَا هُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا لِحَقِّ آدَمِيٍّ، فَإِنْ سَلَّمَ صِحَّةَ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَيْنَ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهَا وَلَا نَقَضُ دَلِيلِنَا بِهَا.
وَإِنْ لَمْ نُسَلِّمْ صِحَّةُ الْفَرْقِ سَوَّيْنَا بَيْنَ جَمِيعِ الصُّوَرِ فِي الْبُطْلَانِ، فَيُمْنَعُ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَكَذَلِكَ كُلَّمَا يَرِدُ عَلَيْك مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَإِنَّ الْجَوَابَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقٌ صَحِيح أَوْ لَا يَكُونُ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَمْ يَصِحَّ النَّقْضُ وَلَا الْقِيَاسُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ سَوَاءٌ، نَعَمْ لَوْ أَوْرَدْت صُوَرٌ قَدْ ثَبَتَتْ الصِّحَّةُ فِيهَا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، لَكَانَ ذَلِكَ مُتَوَجِّهًا وَلَيْسَ إلَى هَذَا سَبِيلٌ، وَلَا تَعْبَأُ بِمَا يُفْرَضُ مِنْ الْمَسَائِلِ وَيَدَّعِي الصِّحَّةَ فِيهَا بِمُجَرَّدِ التَّهْوِيلِ، أَوْ بِدَعْوَى أَنْ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَقَائِلُ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهَا بِالصِّحَّةِ فَضْلًا عَنْ نَفْيِ الْخِلَافِ فِيهَا، وَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهَا مِنْ الْجَلِيَّاتِ الَّتِي لَا يُعْذَرُ الْمُخَالِفُ فِيهَا.
وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَالَ الْإِمَام أَحْمَدُ، مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ، فَإِنَّمَا هَذِهِ دَعْوَى بِشْرٍ وَابْنِ عُلَيَّةَ يُرِيدُونَ أَنْ يُبْطِلُوا السُّنَنَ بِذَلِكَ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْفِقْهِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ إذَا نَاظَرْتَهُمْ بِالسُّنَنِ وَالْآثَارِ قَالُوا هَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ الْقَوْلُ الَّذِي يُخَالِفُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ لَا يَحْفَظُونَهُ إلَّا عَنْ فُقَهَاءِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست