responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 285
يَجُوزُ بَيْعُ الْعِنَبِ وَالْعَصِيرِ وَالدَّادِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّنْ يَسْتَعِينُ عَلَى النَّبِيذِ الْمُحَرَّمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعِينَ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَانُ لَا يَعْتَقِدُهَا مَعْصِيَةً، كَإِعَانَةِ الْكَافِرِينَ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَجَاءَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْأَصْلِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
هَذَا إذَا كَانَ التَّحْرِيمُ لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا لِيُضَارَّهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا إذَا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا لِيُضَارَّهُ بِمَطْلِ الثَّمَنِ، فَإِنْ عَلِمْت هِيَ بِذَلِكَ فَقَدْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا. وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ لَمْ يُمْكِنْ إبْطَالُ الْعَقْدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْعَقْدِ إذَا كَانَ لِإِضْرَارِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْحَرَامِ لَمْ يَقَعْ بَاطِلًا كَبَيْعِ الْمُصَرَّاةِ. وَتَلَقٍّ الرُّكْبَانِ وَبَيْعِ الْمَعِيبِ الْمُدَلَّسِ عَيْبُهُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ هُنَا إنَّمَا هُوَ أَحَدُهُمَا لَا كِلَاهُمَا، فَلَوْ أَبْطَلْنَا الْعَقْدَ فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا لَكَانَ فِيهِ إبْطَالٌ لِعَقْدِ مَنْ لَمْ يَنْهَ، وَلَكَانَ فِيهِ إضْرَارٌ لِمَنْ أَبْطَلَ الْعَقْدَ لِرَفْعِ ضَرَرِهِ، وَهَذَا تَعْلِيقٌ عَلَى الْوَصْفِ ضِدَّ مُقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَ رَفْعِ ضَرَرِهِ قَدْ جُعِلَ مُوجِبًا لِضَرَرِهِ، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَضَارِّ دُونَ الْآخَرِ، كَمَا يُقَالُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِثْلَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ظَالِمًا، وَشِرَاءُ الْمُعْتَقِ الْمَجْحُودِ عِتْقُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي، وَمِثْلُ دَفْعِ الرِّشْوَةِ إلَى ظَالِمٍ لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ، وَمِثْلُ إعْطَاءِ بَعْضِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ، فَيَكُونُ نِكَاحُ الزَّوْجِ بَاطِلًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّ اسْتِمْتَاعَهُ بِهَا حَرَامٌ، وَبَيْعُ الْمُدَلِّسِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَائِعِ بَاطِلٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الثَّمَنُ، فَهَذَا قَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ.
وَلَيْسَ الْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ بَيَانُ أَنَّهَا غَيْرُ وَارِدَةٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا لِيُضَارَّ بِهَا امْرَأَةً أُخْرَى؛ أَوْ لِيَتَعَاوَنَا عَلَى سِحْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُمَا النِّكَاحَ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْمُحَرَّمِ، فَمَنْ الَّذِي سَلَّمَ صِحَّةَ هَذَا النِّكَاحِ؟ . فَإِنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ بَيْعَ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَجْمَعُ عَلَيْهِ الْفُسَّاقَ لِلشُّرْبِ وَالزِّنَا بَاطِلٌ، وَبَيْعَ الْأَقْدَاحِ لِمَنْ يَشْرَبُ فِيهَا الْمُسْكِرَ بَاطِلٌ، وَبَيْعَ السِّلَاحِ مِمَّنْ يَقْتُلُ بِهِ مَعْصُومًا بَاطِلٌ، كَيْفَ لَا يَقُولُ إنَّ تَزْوِيجَ الْمَرْأَةِ لِمَنْ يَضُرُّ بِهَا امْرَأَةً مُسْلِمَةً ضَرَرًا مُحَرَّمًا مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَهَا بَاطِلٌ، وَإِنْ أَوْرَدَ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَإِنَّمَا قَصَدَ مُجَرَّدَ إيذَاءِ الزَّوْجَةِ الْأُولَى بِالْغَيْرَةِ فَهَذَا نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَذَى لَيْسَ بِمُحَرَّمِ الْجِنْسِ فَلَمْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست