responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 287
الْمَدِينَةِ وَفُقَهَاءِ الْكُوفَةِ مَثَلًا، فَيَدَّعُونَ الْإِجْمَاعَ مِنْ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِأَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ وَاجْتِرَائِهِمْ عَلَى رَدِّ السُّنَنِ بِالْآرَاءِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْآثَارِ، فَلَا يَجِدُ مُعْتَصَمًا إلَّا أَنْ يَقُولَ هَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا وَأَصْحَابَهُمَا لَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَهُ عِلْمٌ لَرَأَى مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعَيْهِمْ مِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ خَلْقًا كَثِيرًا؛ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ.
وَإِلَّا فَمَنْ تَتَبَّعَ وَجَدَ فِي مُنَاظَرَاتِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ لِأَهْلِ عَصْرِهِمْ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرًا، وَلِهَذَا كَانُوا يُسَمُّونَ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالَهُمْ فُقَهَاءَ الْحَدِيثِ. وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا تَرِدُ بِهِ السُّنَنُ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ وَجَدَهَا أُصُولًا قَدْ تُلُقِّيَتْ بِحُسْنِ الظَّنِّ مِنْ الْمَتْبُوعِينَ، وَبُنِيَتْ عَلَى قَوَاعِدَ مَغْرُوضَةٍ إمَّا مَمْنُوعَةٍ أَوْ مُسَلَّمَةٍ مَعَ نَوْعِ فَرْقٍ، وَلَمْ يَعْتَصِمْ الْمُثْبِتُ لَهَا فِي إثْبَاتِهِ بِكَثِيرِ حُجَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعِ رَأْيٍ أَوْ أَثَرٍ ضَعِيفٍ.
فَيَصِيرُ مُثْبِتًا لِلْفَرْعِ بِالْفَرْعِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ إلَى أَصْلٍ مُعْتَمَدٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ أَثَرٍ وَهَذَا عَامٌّ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ. وَيَجْعَلُ هَذِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. فَإِذَا حَقَّقَ الْأَمْرَ فِيهَا عَلَى الْمُسْتَمْسِكِ بِهَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ إلَّا التَّعَجُّبُ مِمَّنْ يُخَالِفُهَا. وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لِمَنْ يَقُولُ بِهَا مِنْ الْحُجَّةِ أَكْثَرَ مِنْ مُرُونَةٍ عَلَيْهَا مَعَ حَظِّ مَنْ رَأَى.

وَمَسْأَلَةُ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا مِنْ بَابِهِ الَّذِي زَعَمَ هَذَا الْمَجَادِلُ أَنْ لَا خِلَافَ فِي بَعْضِهَا: وَعَامَّةُ السَّلَفِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْعِنَبِ وَالْعَصِيرِ بِالتَّحْرِيمِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ كَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الْفِتْنَةِ. وَالْكَرَاهَةُ الْمُطْلَقَةُ فِي لِسَانِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَا يَكَادُ يُرَادُ بِهَا إلَّا التَّحْرِيمُ.
وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - خِلَافٌ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الْعَصِيرَ. وَهَذِهِ حِكَايَةُ حَالٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَلًّا أَوْ رِبًا أَوْ يَشْرَبُهُ عَصِيرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَقَدْ مَنَعَ بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَطَاوُسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَهُوَ قَوْلُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْهَاشِمِيِّ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست