responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 269
الشَّرْطِ الَّذِي دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهِ، وَهَذَا الْمُحَلِّلُ يُقَالُ لَهُ شَرَطْنَا عَلَيْك أَنَّك إذَا وَطِئْتهَا فَطَلِّقْهَا، وَيَعْقِدُ الْعَقْدَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا لَوْ وَصَفَ الْمَبِيعَ أَوْ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِصِفَاتٍ عِنْدَ التَّسَاوُمِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ تَعَاقُدًا كَانَ الْعَقْدُ مَبْنِيًّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيْنَهُمَا مِنْ الصِّفَةِ، حَتَّى إذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ نَاقِصًا عَنْ تِلْكَ الصِّفَةِ كَانَ لَهُ الْفَسْخُ، وَلَوْلَا أَنَّ الصِّفَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ كَالْمُقَارِنَةِ لَمَا وَجَبَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَآهُ ثُمَّ تَعَاقَدَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ لَا يَفْتُرُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا، وَلَوْلَا أَنَّ الرُّؤْيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ كَالْمُقَارِنَةِ لَمَا لَزِمَ الْبَيْعُ، وَبَعْضُ النَّاسِ يُخَالِفُ فِي الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا الرُّؤْيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَا أَعْلَمُ فِيهَا مُخَالِفًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ، بَلْ الْوَاصِفُ إلَى الْفُرْقَةِ أَقْرَبُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَنْ دَخَلَ مَعَ رَجُلٍ فِي عَقْدٍ عَلَى صِفَاتٍ تَشَارَطُوا عَلَيْهَا وَعَقَدُوا الْعَقْدَ ثُمَّ نَكَثَ بِهِ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ قَدْ خَدَعَهُ وَمَكَرَ بِهِ، فَإِنَّ الْخَدْعَ أَنْ يُظْهِرَ لَهُ شَيْئًا وَيُبْطِنَ خِلَافَهُ، وَالْمَكْرُ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا تُسَمِّيهِ النَّاسُ خَدِيعَةً وَمَكْرًا.
وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللُّغَةِ وَتَقْرِيرُهَا لَا زَوَالُهَا وَتَغْيِيرُهَا، وَالْخَدِيعَةُ وَالْمَكْرُ حَرَامٌ فِي النَّارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعُقُودَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا تَثْبُتُ عَلَى رِضَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَإِنَّمَا كَلَامُهُمَا دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُمَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] وَلَمَّا كَانَتْ الْبُيُوعُ تَقَعُ غَالِبًا قَبْلَ الِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِكْشَافِ، شُرِعَ فِيهَا الْخِيَارُ إلَى التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ لِيَتِمَّ الرِّضَا بِذَلِكَ، وَاكْتَفَى فِي النِّكَاحِ بِمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ تَقَدُّمِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْعَقْدِ، لِاسْتِعْلَامِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ، وَإِذَا تَشَارَطَا عَلَى أَمْرٍ يَتَعَاقَدَانِ عَلَيْهِ ثُمَّ تَعَاقَدَا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا رَضِيَ بِالْعَقْدِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الشَّرْطُ الَّذِي تَشَارَطَا عَلَيْهِ أَوَّلًا.
وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ أَحَدَهُمَا رَضِيَ بِعَقْدٍ مُطْلَقٍ خَالٍ عَنْ شَرْطٍ كَانَ بُطْلَانُ قَوْلِهِ مَعْلُومًا بِالِاضْطِرَارِ، وَإِذَا كَانَا إنَّمَا رَضِيَا بِالْعَقْدِ الَّذِي تَشَارَطَا عَلَيْهِ قَبْلَ عَقْدِهِ وَمَلَاكُ الْعُقُودِ هُوَ الرِّضَا، وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مَا رَضِيَا بِهِ لَا سِيَّمَا فِي النِّكَاحِ الَّذِي سَبَقَ شَرْطُهُ عَقْدَهُ، وَلَيْسَ بَعْدَ عَقْدِهِ خِيَارٌ يُسْتَدْرَكُ فِيهِ الْفَائِتُ، وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست