responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 270
وَهَذَا بَيِّنٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعُقُودَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ بِالْقُلُوبِ، وَإِنَّمَا الْعِبَارَاتُ مُبَيِّنَاتٌ لِمَا فِي الْقُلُوبِ، لَا سِيَّمَا إنْ قِيلَ هِيَ إخْبَارَاتٌ، وَبَيَانُهَا لِمَا فِي الْقَلْبِ لَا يَخْتَلِفُ بِجَمْعِ الْكَلَامِ فِي وَقْتٍ أَوْ يُفَرِّقُهُ فِي وَقْتَيْنِ، لَا سِيَّمَا الْكَلَامُ الْكَثِيرُ الَّذِي قَدْ يَتَعَذَّرُ ذِكْرُهُ فِي التَّعَاقُدِ، وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي خِطَابِ جَمِيعِ الْخَلْقِ بَلْ فِي أَفْصَحِ الْخِطَابِ وَأَبْلَغِهِ، فَإِنَّ مَنْ مَهَّدَ قَاعِدَةً بَيَّنَ بِهَا مُرَادَهُ، فَإِنَّهُ يُطْلِقُ الْكَلَامَ وَيُرْسِلُهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدَ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَالْمُسْتَمِعُ يَفْهَمُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَحْمِلُ كَلَامَهُ عَلَيْهِ، كَالْعَالِمِ يَقُولُ مَثَلًا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْمَجْنُونُ وَنَحْوُهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ قَدْ قَرَّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا حُكْمَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، فَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَقُولُ مَثَلًا وَأَنْكَحْت، فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فِي اللَّفْظِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا تَشَارَطَا عَلَيْهِ قَبْلُ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ بِعْتُك الْبَيْعَ الَّذِي تَشَارَطْنَا وَأَنْكَحْتُك النِّكَاحَ الَّذِي تَرَاضَيْنَا بِهِ، فَمَنْ جَعَلَ كَلَامَهُ مُطْلَقًا بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ الْمُشَارَطَةُ وَالْمُوَاطَأَةُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ خِطَابِ الْخَلْقِ وَكَلَامِهِمْ فِي جَمِيعِ إيجَابِهِمْ وَمَقَاصِدِهِمْ، وَهَذَا وَاضِحٌ لَا مَعْنَى لِلْإِطْنَابِ فِيهِ.
وَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ الْمَشْرُوطُ قَبْلَ الْعَقْدِ كَالْمَشْرُوطِ فِيهِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّرْطَ الْعُرْفِيَّ كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ، وَلِهَذَا قَالُوا مَنْ دَفَعَ ثِيَابَهُ إلَى غَسَّالٍ يُعْرَفُ مِنْهُ الْغُسْلُ بِالْأُجْرَةِ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ شَرْطٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ حَمَّامَ حَمَّامِيٍّ أَوْ رَكِبَ سَفِينَةَ رُبَّانٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ غَيْرِهَا، انْصَرَفَ إلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَكَانَ هَذَا الْعُرْفُ مُقَيِّدًا لِلَّفْظِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ بِإِلْزَامِ مُسَمَّى الدِّرْهَمِ مِنْ أَيِّ نَقْدٍ أَوْ وَزْنٍ كَانَ، وَلَوْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ فِي الْأَيْمَانِ وَالْمُثَمَّنَاتِ وَنَحْوِهَا انْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَى السَّلِيمِ مِنْ الْعُيُوبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْعُرْفُ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْعُرْفُ الْخَاصُّ فِي ذَلِكَ كَالْعَامِّ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ بَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالْوُقُوفِ وَالْوَصَايَا وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُ التُّيُوسِ مَعْرُوفًا بِالتَّحْلِيلِ، وَجِيءَ بِالْمَرْأَةِ إلَيْهِ فَهُوَ اشْتِرَاطٌ مِنْهُمْ لِلتَّحْلِيلِ لَا يَعْقِلُ النَّاسُ إلَّا هَذَا، فَلَوْ لَمْ يَفِ بِمَا شَرَطُوهُ لَكَانَ عِنْدَهُمْ خَدِيعَةً وَمَكْرًا وَنَكْثًا وَغَدْرًا، وَعَلَى هَذَا فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ جِهَةِ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ، وَمِنْ جِهَةِ اشْتِرَاطِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ لَفْظًا أَوْ عُرْفًا، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ التَّحْلِيلَ لَفْظًا أَوْ عُرْفًا وَعَقَدَ النِّكَاحَ بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا عَلَى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست