responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 268
يَفْهَمُونَ إلَّا ذَلِكَ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: 10] وَقَالَ: {وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] يَعْنِي الْعُهُودَ وَمَنْ نَكَثَ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ فَهُوَ نَاكِثٌ، كَمَنْ نَكَثَ الْمُقَارِنَ لَا تُفَرِّقُ الْعَرَبُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
وَالْمُسْلِمُونَ يَفْهَمُونَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ الْعَقْدَ شَرْطٌ كَمَا قَارَنَهُ، حَتَّى أَنَّهُ وَقْتَ الْخِصَامِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَلَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ بَيْنَنَا كَذَلِكَ، أَلَمْ نُشَارِطُكَ عَلَى كَذَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ نَقْلِ اللُّغَةِ وَتَعْيِيرِهَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اسْتِهِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ. فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ» .
وَمَنْ شَارَطَ غَيْرَهُ عَلَى شَيْءٍ عَلَى أَنْ يَتَعَاقَدَا عَلَيْهِ وَتَعَاقَدَا ثُمَّ لَمْ يَفِ لَهُ بِشَرْطِهِ فَقَدْ غَدَرَ بِهِ، هَذَا هُوَ الَّذِي يَعْقِلُهُ النَّاسُ وَيَفْهَمُونَهُ وَلَا يُعْرَفُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا فِي مَعَانِي الْكَلَامِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَلَا فِي الْحُكْمِ عَمَّنْ قَوْلُهُ حُجَّةٌ تَلْزَمُهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا خَطَبَ فِي شَأْنِ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ، لَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، قَالَ فَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ أَبِي الْعَاصِ قَالَ حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَّى لِي» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ هَذَا مَدْحًا لِمَنْ فَعَلَهُ وَذَمًّا لِمَنْ تَرَكَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لَمَّا قَرَنَهُ بِهِ، وَالْوَعْدُ فِي الْعُقُودِ إنَّمَا يَتَقَدَّمُهَا لَا يُقَارِنُهَا، فَعَلِمَ أَنَّ مَنْ وَفَّى بِهِ كَانَ مَمْدُوحًا وَمَنْ لَمْ يَفِ بِهِ كَانَ مَذْمُومًا مَعِيبًا، وَهَذَا شَأْنُ الْوَاجِبِ.
وَفِي حَدِيثِ السِّيرَةِ الْمَشْهُورِ «أَنَّ الْأَنْصَارَ لَمَّا بَايَعُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِطْ لِرَبِّك وَاشْتَرِطْ لِنَفْسِك وَاشْتَرِطْ لِأَصْحَابِك، فَقَالَ أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَزْرَكُمْ وَأَشْتَرِطُ لِأَصْحَابِي أَنْ تُوَاسُوهُمْ. فَقَالُوا إذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ فَمَا لَنَا؟ قَالَ الْجَنَّةُ قَالُوا مُدَّ يَدَك فَوَاَللَّهِ لَا نُقِيلُك وَلَا نَسْتَقِيلُك. فَبَايَعُوهُ» .
أَفَلَا تَرَى كَيْفَ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ الْعَقْدَ وَلَمْ يَحْتَجْ حِينَ الْمُبَايَعَةِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَوْ كَانُوا قَدْ تَكَلَّمُوا بِهَا فَإِنَّهُمْ سَمَّوْا مَا قَبْلَ الْعَقْدِ اشْتِرَاطًا، فَيَدْخُلُ فِي مُسَمَّى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست