نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 209
الأرض لا تقدس أحداً، وانما يقدس المرء عمله، فالمحل الفاضل قد يجتمع فيه المسلم والكافر، وأهل الحق وأهل الباطل كما تقدم، فأهل الحق يزدادون بالعمل الصالح في المحل الفاضل لكثرة ثوابه، وأهل الباطل لا يزدهم إلا شراً تعظم فيه سيآتهم كما قال تعالى في حرم مكة: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فاذا كان هذا الوعيد في الارادة فعمل السوء أعظم، فالمعول على الايمان والعمل الصالح، ومحله قلب المؤمن والناس مجزيون بأعمالهم أن خيراً فخير وأن شراً فشر.
وقوله ولو قيل أن هذا الحديث ورد في ذم نجد وأهلها إلى آخره.
فأقول الذم انما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في يمننا اللهم بارك لنا في شامنا" قالوا وفي نجدنا قال "هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان" قيل: انه أراد نجد العراق لأن في بعض الفاظه ذكر المشرق، والعراق شرقي المدنية، والواقع يشهد له لأن نجد الحجاز ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى في العراق من الملاحم والفتن ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير، والتاريخ، كخروج الخوارج بها الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الاشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة، وقتال بني أمية لمصعب بن الزبير، وقتله، وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتل والسفك وغير ذلك مما يطول عده، وعلى كل حال فالذم يكون في حال دون حال ووقت دون وقت بحسب حال الساكن، لأن الذم انما يكون للحال دون المحل، وان كانت الأماكن تتفاضل وقد تقع المداولة فيها، فان الله يداول بين خلقه حتى في البقاع فمحل معصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر.
وأما قول المعترض: منها قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزالون في شر من كذابهم
فالجواب ان هذا من جملة كذبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجهله بالعلم لا يميز بين الحديث وغيره، وهذا الكلام ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في نفر من بني حنيفة سكنوا الكوفة في ولاية ابن مسعود عليها، وكانوا في مسجد من مساجدها فيسمع منهم كلمة تشعر بتصديق مسيلمة فأخذهم عبد الله بن مسعود وقتل كبيرهم ابن النواحة وقال في الباقين: لا يزالون في بلية من كذابهم يعني ذلك النفر يذم نجدا بنفر أحدثوا حدثا في العراق وقد أفنى كل من حضر مسيلمة في القرن الأول ولم يبق بنجد من يصدق الكذاب، بل من كان في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم بنجد يكفرون مسيلمة ويكذبونه فلم يبق بنجد من فتنة مسليمة لا عين ولا أثر.
فلو ذم نجد بمسيلمة بعد زواله وزوال من يصدقه، لذم اليمن بخروج الاسود العنس دعواه النبوة وما ضر المدينة سكن اليهود فيها وقد صارت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومعقد الاسلام وما ذمت مكة بتكذيب أهلها الرسول صلى الله عليه وسلم، وشدة عداوتهم له بلى هي أحب أرض الله إليه فاذا كان الأمر
نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 209