نام کتاب : عيون الرسائل والأجوبة على المسائل نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 316
إلى الله، وأخلص في عبادته، وصدق في معاملته، كان له من القرب بحسب صدقه وإخلاصه ورتبته من الإيمان. فترتفع عنه حجب الشهوات والشبهات، وينقشع عنه ليلها وظلامها[1]؛ وهذا المعنى حق لا شك فيه.
ويضاف القرب إلى الله تعالى، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [2] فهذا قرب خاص للسائلين والداعين، وقد يقرب من عباده، ومن القلوب الطيبة كيف ما شاء لكنه قرب خاص، ليس كما يظنه الجهمي من أن ذاته تحل في المخلوقات[3]، فهو -سبحانه- ليس كمثله شيء في صفاته وكمال عظمته وقدرته[4]، وينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر[5]، وهو مستو على عرشه[6]، عال فوق خلقه، لا تحيط به المخلوقات، ولا تحتوي عليه الكائنات، ويدنو[7] عشية عرفة فيباهي ملائكته بأهل الموقف[8]، ومع ذلك فصفة العلو والاستواء ثابتة في تلك الحال، لا يخلو العرش منه[9]، ولا نعلم قدر [1] في (د) : (وضلامها) . [2] سورة البقرة: الآية (186) . [3] انظر: الفرق بين الفرق، ص226. [4] قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] . [5] تقدم تخريج حديث النزول ص259. [6] وذلك قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} . [طه: 5] . [7] في (د) : (ويدنوا) . [8] ورد في ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول ما أراد هؤلاء؟ ". صحيح مسلم بشرح النووي، 9/125، الحج، باب (فضل الحج والعمرة ويوم عرفة) ؛ سنن النسائي 5/251ـ 252، الحج، باب (ما ذكر في يوم عرفة) ، سنن ابن ماجة، 2/180، المناسك، باب (الدعاء بالعرفة) . [9] هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في استواء الله تعالى على عرشه، ونزوله، وعدم خلو العرش منه عند نزوله. فقد اتفقوا على إثبات تلك الصفات لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، فهو مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه بذلك، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم، استواء يليق بجلاله تعالى، كما أن نزوله لا يشبه نزول المخلوق، بل ينزل نزولاً يليق بعظمته، لا نعلم كيفيته، ولا ندرك كنهه، وهو عند ذلك لا يخلو منه العرش.
وقد اشتهر جواب أئمة الأمة، لمن سأل عن كيفية الاستواء، وهو قولهم: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". يروى هذا الجواب، عن الإمام مالك، وعن شيخه ربيعة، وعن أم سلمة. انظر: شرح حديث النزول، لابن تيمية (ت 728هـ) ، تحقيق محمد بن عبد الرحمن الخميس، دار العاصمة، الرياض، ط/1، 1414هـ، ص 132ـ 136، 204. الاقتصاد في العقيدة، للمقدسي، ص 102ـ 104. شرح أصول الاعتقاد، للآلكائي، 3/398. مختصر العلو، للألباني، ص 132. مجموع الفتاوى، لابن تيمية، 5/ 365.
نام کتاب : عيون الرسائل والأجوبة على المسائل نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 316