responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 210
وَلَا يذهل عَن مَحَله وَإِنَّمَا غَايَة مَا يحصل لَهُ نوع ذُهُول فَهُوَ كالناعس إِذْ هُوَ عَن سَماع مُجَرّد الصَّوْت غير مخمور مخبول وكل من كَانَ على هَذَا القانون فوضوءه بَاقٍ وَإِن لم يفهم مَا سَمعه وَلَا يشْعر بِمَا صنعه هَذَا كُله حَيْثُ تَيَقّن مَا يرد عَلَيْهِ وَعرف وَصفه وَمَا يحصل مَعَه فإمَّا إِذا عرض لَهُ مَا لم يعرف وَصفه مِمَّا ذَكرْنَاهُ وَإِنَّمَا شكّ هَل ثمَّ اسْتِيلَاء عَلَيْهِ وَكَانَ كالنائم أَولا فَكَانَ كالناعس فَلَا ينْتَقض وضوءه كَمَا شرطناه من أَن الأَصْل بَقَاء طهره ودوام أصل تَمْيِيزه وفهمه سِيمَا وَالْغَالِب على أَرْبَاب الْأَحْوَال بَقَاء شُعُورهمْ مَعهَا وَعدم انحرافهم عَن سنَن الْكَمَال قدس الله أَرْوَاحهم وَنور معالمهم وضرائحهم وَأعَاد علينا من بركاتهم وأذاقنا الله حلاوة شرابهم وألحقنا بهم فِي التحلي بأشرف المعارف وأكمل المتالد والمطالف أَنه أكْرم كريم وأرحم رَحِيم (وَسُئِلَ) أَفَاضَ الله علينا من بركاته مَا حكم مطالعه كتب الشَّيْخ محيي الدّين بن عَرَبِيّ (فَأجَاب) بقوله الَّذِي أثرناه عَن أكَابِر مَشَايِخنَا الْعلمَاء الْحُكَمَاء الَّذِي يستسقى بهم الْغَيْث وَعَلَيْهِم الْمعول وإليهم الْمرجع فِي تَحْرِير الْأَحْكَام وَبَيَان الْأَحْوَال والمعارف والمقامات والإشارات أَن الشَّيْخ محيي الدّين بن عَرَبِيّ من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى العارفين وَمن الْعلمَاء العاملين وَقد اتَّفقُوا على أَنه كَانَ أعلم أهل زَمَانه بِحَيْثُ أَنه كَانَ فِي كل فن متبوعا لَا تَابعا وَأَنه فِي التَّحْقِيق والكشف وَالْكَلَام على الْفرق وَالْجمع بَحر لَا يجارى وَإِمَام لَا يغالط وَلَا يمارى وَأَنه أورع أهل زَمَانه وألزمهم للسّنة وأعظمهم مجاهدة حَتَّى أَنه مكث على ثَلَاثَة أشهر على وضوء وَاحِد وَقس على ذَلِك مَا هُوَ من سوابقه ولواحقه وَوَقع لَهُ مَا هُوَ أعظم من ذَلِك وَمِنْه أَنه لما صنف كِتَابه الفتوحات المكية وَضعه على ظهر الْكَعْبَة وَرقا من غير وقاية عَلَيْهِ فَمَكثَ على ظهرهَا سنة لم يمسهُ مطر وَلَا أَخذ مِنْهُ الرّيح ورقة وَاحِدَة مَعَ كَثْرَة الرِّيَاح والأمطار بِمَكَّة فحفظ الله كِتَابه هَذَا من هذَيْن الضدين دَلِيل أَي دَلِيل وعلامة أَي عَلامَة على أَنه تَعَالَى قبل مِنْهُ ذَلِك الْكتاب وأثابه عَلَيْهِ وَحمد تصنيفه لَهُ فَلَا يَنْبَغِي التَّعَرُّض للإنكار عَلَيْهِ فَإِنَّهُ السم الْقَاتِل لوقته كَمَا شَاهَدْنَاهُ وجربناه فِي أنَاس حق عَلَيْهِم من المقت وَسُوء الْعقَاب مَا أوجب لَهُم التَّعَرُّض لهَذَا الإِمَام الْعَارِف بالإنكار حَتَّى استأصل شأفتهم وَقطع دابرهم فَأَصْبحُوا لَا ترى إِلَّا مساكنهم فمعاذا بِاللَّه من أَحْوَالهم وتضرعا إِلَيْهِ بالسلامة من أَقْوَالهم وَأما مطالعة كتبه رَضِي الله عَنهُ فَيَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يعرض عَنْهَا بِكُل وَجه أمكنه فَإِنَّهَا مُشْتَمِلَة على حقائق يعسر فهمها إِلَّا على العارفين المتضلعين من الْكتاب وَالسّنة المطلعين على حقائق المعارف وعوارف الْحَقَائِق فَمن لم يصل لهَذِهِ الْمرتبَة يخْشَى عَلَيْهِ مِنْهَا مزلة الْقدَم والوقوع فِي مهامه الْحيرَة والندم كَمَا شَاهَدْنَاهُ فِي أنَاس جهال أدمنوا مطالعتها فخلعوا ربقة الْإِسْلَام والتكليفات الشَّرْعِيَّة من أَعْنَاقهم وأفضى بهم الْحَال إِلَى الْوُقُوع فِي شرك الشّرك الْأَكْبَر فخسروا الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين وَأَيْضًا فَفِي تِلْكَ الْكتب مَوَاضِع عبر عَنْهَا بِمَا لَا يطابقه ظواهر عباراتها اتكالا على اصْطِلَاح مُقَرر عِنْد واضعها فيفهم مطالعها ظواهرها الْغَيْر المرادة فيضل ضلالا مُبينًا وَأَيْضًا فَفِيهَا أُمُور كشفية وَقعت حَال غيبَة واصطلام وَهَذَا يحْتَاج إِلَى التَّأْوِيل وَهُوَ يتَوَقَّف على إتقان الْعُلُوم الظَّاهِرَة بل والباطنة فَمن نظر فِيهَا وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِك فهم مِنْهَا خلاف المُرَاد فضل وأضل فَعلم أَن مجانبة مطالعتها رَأْسا أولى فَإِن الْعَارِف لَا يحْتَاج إِلَيْهَا إِلَّا ليطابق بِمَا فِيهَا مَا عِنْده وَغَيره إِن لم تضره مَا نفعته نعم لَهُ كتب فِي التربية الصرفة وَالْحمل على الْأَخْلَاق وَالْأَحْوَال وَغَيرهمَا مِمَّا يُنَاسب السلوك فَهَذِهِ لَا بَأْس بمطالعتها فَإِنَّهَا ككتب الْغَزالِيّ وَأبي طَالب الْمَكِّيّ وَنَحْوهَا من الْكتب النافعة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فجزى الله مصنفها خير الْجَزَاء وأكمله (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ وأدام النَّفْع بِهِ آمين مَا حكم مطالعة كتب ابْن عَرَبِيّ وَابْن الفارض (فَأجَاب) بقوله حكمهمَا أَنَّهَا جَائِزَة مطالعة كتبهما بل مُسْتَحبَّة فكم اشْتَمَلت تِلْكَ الْكتب على فَائِدَة لَا تُوجد فِي غَيرهَا وعائدة لَا تَنْقَطِع هواطل خَيرهَا وعجيبة من عجائب الْأَسْرَار الإلهية الَّتِي لَا يَنْتَهِي مدد خَيرهَا وَكم ترجمت عَن مقَام عجز عَن التَّرْجَمَة عَنهُ من سواهَا وأظهرت من الْعبارَة الوافية عَن حَال أعجز حَال من عَداهَا ورمزت من رموز لَا يفهمها إِلَّا العارفون وَلَا يحوم حول حومة حماها إِلَّا الربانيون الَّذين هم

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست