responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 211
بَين بواطن الشَّرِيعَة الغراء وَأَحْكَام ظواهرها على أكمل مَا يَنْبَغِي جامعون فَلذَلِك كَانُوا بِفضل مؤلفيها معترفين وعَلى مَا فِيهَا من الْأَخْلَاق وَالْأَحْوَال والمعارف والمقامات والكمالات هم المعولون وَلم لَا وَهَذَانِ الإمامان الْمَذْكُورَان فِي السُّؤَال من أَئِمَّة السلوك والمعارف وَمن الأخيار الَّذين منحهم الله غايات اللطائف ولطائف العوارف وزوى عَن قُلُوبهم محبَّة مَا سواهُ تَعَالَى وعمرها بِذكرِهِ وشهوده وأسبغ عَلَيْهَا رِضَاهُ وفرغهم لَهُ فَقَامُوا بِوَاجِب خدمته حسب الطَّاقَة البشرية وأجرى عَلَيْهِم من سوابغ قربه وحقائق الوحدانية الفردانية فتوسلا إِلَيْك اللَّهُمَّ أَن تهل على جدثيهما هواطل الرَّحْمَة والرضوان وَأَن تسكنهما من قربك الْأَكْبَر أَعلَى فراديس الْجنان إِنَّك أَنْت الحنان المنان هَذَا وَأَنه قد طالع هَذِه الْكتب أَقوام عوام جهلة طغام فأدمنوا مطالعتها مَعَ دقة مَعَانِيهَا ورقة إشاراتها وغموض مبانيها وبنائها على اصْطِلَاح الْقَوْم السالمين عَن الْمَحْذُور واللوم وَتوقف فهمها بكمالها على إتقان الْعُلُوم الظَّاهِرَة والتحلي بحقائق الْأَحْوَال والأخلاق الباهرة فَلذَلِك ضعفت أفهامهم وزلت أَقْدَامهم وفهموا مِنْهَا خلاف المُرَاد واعتقدوه صَوَابا فباؤا بخسار يَوْم التناد وألحدوا فِي الإعتقاد وهوت بهم أفهامهم القاصرة إِلَى هوة الْحُلُول والاتحاد حَتَّى لقد سَمِعت شيأ من هَذِه الْمَفَاسِد القبيحة والمكفرات الصَّرِيحَة من بعض من أدمن مطالعة تِلْكَ الْكتب مَعَ جَهله بأساليبها وَعظم مَا لَهَا من الْخطب وَهَذَا هُوَ الَّذِي أوجب لكثير من الْأَئِمَّة الْخط عَلَيْهَا والمبادرة بالإنكار إِلَيْهَا وَلَهُم فِي ذَلِك نوع عذر لِأَن قصدهم فطم أُولَئِكَ الجهلة عَن تِلْكَ السمُوم القاتلة لَهُم لَا الْإِنْكَار عَن مؤلفيها من حَيْثُ ذاتهم وحالهم وَبَعض المنكرين يغترون بظواهر ألفاظها وإيهامها خلاف مَقْصُود حفاظها غَفلَة عَن اصطلاحاتهم المقررة وتحقيقاتهم المقررة على الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة المحررة وَالْحق عدم الْإِنْكَار وَالتَّسْلِيم فِيمَا برز عَن أُولَئِكَ الْأَئِمَّة الْإِظْهَار مَعَ التَّشْدِيد على الجهلة بالقواعد والاصطلاحات فِي مطالعة تِلْكَ الْكتب فقد صرح الإِمَام ابْن الْعَرَبِيّ بِحرْمَة مطالعة كتبهمْ إِلَّا لمن تحلى بأخلاقهم وَعلم مَعَاني كلماتهم الْمُوَافقَة لاصطلاحاتهم وَلَا تَجِد ذَلِك إِلَّا فِيمَن جد وشمر وجانب السوء وَشد المئزر وتضلع من الْعُلُوم الظَّاهِرَة وتطهر من كل خلق دنيء مِمَّا تعلق بالدنيا وَالْآخِرَة فَهَذَا هُوَ الَّذِي يفهم الْخطاب وَيُؤذن لَهُ فِي الدُّخُول إِذا وقف على الْبَاب وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ (وَسُئِلَ) نفع الله تَعَالَى بِهِ هَل لقَوْل التَّاج ابْن عَطاء الله فِي حكمه رب مَعْصِيّة أورثت ذلا واستصغارا خير من طَاعَة أورثت عزا واستكبارا أصل من السّنة وَكَيف يُطلق خير على مَعْصِيّة (فَأجَاب) بقوله نعم لَهُ أصل من السّنة وَهُوَ مَا أخرجه أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان فِي كتاب الثَّوَاب بِسَنَدِهِ إِلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أَنه قَالَ قَالَ الله عز وَجل لَوْلَا أَن الذُّنُوب خير لعبدي الْمُؤمن من الْعجب مَا خليت بَين عَبدِي الْمُؤمن وَبَين الذُّنُوب وَرَوَاهُ الديلمي فِي مُسْند الفردوس بِلَفْظ لَوْلَا أَن الْمُؤمن يعجب بِعِلْمِهِ لعصم من الذَّنب حَتَّى لَا يهم بِهِ وَلَكِن الذَّنب خير لَهُ من الْعجب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَقَالَ غَرِيب تفرد بِهِ من اخْتلف فِي توثيقه الحَدِيث الْقُدسِي الْمَشْهُور الْمَذْكُور فِي تَفْسِير سُورَة الشورى من تَفْسِير الْبَغَوِيّ وَفِيه وَأَن من عبَادي الْمُؤمنِينَ لمن يسألني الْبَاب من الْعِبَادَة فاكفه عَنهُ أَن لَا يدْخلهُ عجب فَيفْسد ذَلِك وَإِذا تَأَمَّلت أَن الْخَيْرِيَّة فِي ذَلِك نسبية من حَيْثُ الثمرات والغايات المترتبة على ذَلِك لم يبْق عنْدك إِشْكَال فِي إِطْلَاقهَا على الْمعْصِيَة من رِعَايَة ذَلِك الْأَمر النسبي فَتَأَمّله (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ هَل ورد أَن الخمول نعْمَة وكل يأباه والشهرة آفَة وكل يتمناه (فَأجَاب) بقوله لم يرد وَإِنَّمَا هُوَ من كَلَام أبي المحاسن الرَّوْيَانِيّ من أَئِمَّتنَا (وَسُئِلَ) هَل ورد اتَّخذُوا مَعَ الْفُقَرَاء أيادي قبل أَن تحجز دولتهم وَأَنه - صلى الله عليه وسلم - أنْشد بَين يَدَيْهِ لسعت حَيَّة الْهوى كبدى الْبَيْتَيْنِ الْمَشْهُورين فتواجد حَتَّى سَقَطت الْبردَة عَن كَتفيهِ (فَأجَاب) بقوله لم يرد ذَلِك كُله بل هُوَ كذب بَاطِل بِاتِّفَاق أهل الحَدِيث (وَسُئِلَ) نفع الله بِعُلُومِهِ ورضى عَنهُ هَل يُمكن الْآن الِاجْتِمَاع بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْيَقَظَة والتلقي مِنْهُ (فَأجَاب) بقوله نعم يُمكن ذَلِك فقد صرح بِأَن ذَلِك من كرامات الْأَوْلِيَاء الْغَزالِيّ والبارزي والتاج السُّبْكِيّ والعفيف اليافعي من الشَّافِعِيَّة والقرطبي وَابْن أبي جَمْرَة من الْمَالِكِيَّة وَقد حكى عَن بعض الْأَوْلِيَاء أَنه حضر مجْلِس فَقِيه فروى ذَلِك الْفَقِيه حَدِيثا

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست