responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 186
فِي حق الآخرين (وَسُئِلَ) نفع الله بِعُلُومِهِ عَمَّا سَأَلَ عَنهُ الْعِزّ فِي أَمَالِيهِ أَيْضا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} حَيْثُ قَالَ فِيهِ سُؤال وَهُوَ أَن عدم قيام فعل الْغَيْر عَام فِي النَّفس الآثمة وَغير الآثمة فَلم خص الآثمة مَعَ أَن التَّصْرِيح بِالْعُمُومِ أتم فِي الْعدْل وأبلغ فِي الْبشَارَة وأخصر فِي اللَّفْظ كَمَا قيل وَلَا تحمل نفس حمل أُخْرَى انْتهى (فَأجَاب) رَحمَه الله تَعَالَى بقوله لِلْمُفَسِّرِينَ فِي ذَلِك رأيان أَحدهمَا أَن تزر مَعْنَاهُ أَن تحمل الْوزر وَهُوَ الثّقل وَالتَّقْدِير وَلَا تحمل نفس حاملة حمل نفس أُخْرَى وعَلى هَذَا فَلَا يرد سُؤال الْعِزّ ويندفع قَوْله كَمَا قيل الخ لِأَن مَا قَالَه هُوَ معنى الْآيَة كَمَا تقرر فَلَا فرق بَينهمَا وَقد جرى الْبَعْض من الْمُحَقِّقين على ذَلِك فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة سُبْحَانَ {من اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} فَقَالَ بَين تَعَالَى أَن ثَوَاب الْعَمَل الصَّالح مُخْتَصّ بفاعله وعقاب الذَّنب مُخْتَصّ بفاعله وَلَا يتَعَدَّى مِنْهُ إِلَى غَيره ويتأكد هَذَا بقوله تَعَالَى {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} ثَانِيهمَا أَنه من الْوزر وَهُوَ الْإِثْم وَالتَّقْدِير وَلَا تحمل نفس آثمة إِثْم نفس أُخْرَى وعَلى هَذَا يتَوَجَّه سُؤال الْعِزّ وَيُجَاب عَنهُ بِأَن سَبَب التَّخْصِيص أَنه وَقع ردا لقَولهم مَا حَكَاهُ الله تَعَالَى عَنْهُم بقوله {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا اتبعُوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} وَبعد أَن رده بقوله {وَمَا هم بحاملين من خطاياهم من شَيْء} وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ وَمن عَادَة الْقُرْآن بِأَن يُكَرر الْأَدِلَّة وَإِن اتّحدت الدَّعْوَى بأوجه مُخْتَلفَة وسياقات مؤتلفة زِيَادَة فِي التَّأْكِيد والتقرير ومبالغة فِي الرَّد لتِلْك الْمقَالة ثمَّ بَالغ تَعَالَى فِي الرَّد عَلَيْهِم فَقَالَ عقب تِلْكَ الْآيَة فِي سُورَة فاطر {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء وَلَو كَانَ ذَا قربى} أَي وَإِن تطلب نفس مثقلة بِالذنُوبِ نفسا أُخْرَى إِلَى أَن تحمل عَنْهَا شيأ مِمَّا أثقلها لَا تحمل تِلْكَ النَّفس الْمَطْلُوبَة مِنْهُ شيأ فِي حَالَة من الْحَالَات وَلَو كَانَ الْمَدْعُو أَو الدَّاعِي ذَا قرَابَة لَهُ وأفادت هَذِه نفي حمل ذَنْب كل نفس عَنْهَا كَمَا أفادت الأولى نفي أَن يحمل عَلَيْهَا ذَنْب غَيرهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا {وليحملن أثقالهم وأثقالا مَعَ أثقالهم} لِأَن المُرَاد أَنهم يحملون أثقال ضلالهم وإضلالهم وَكلهَا أوزارهم فَلم يحمل أحد عَن أحد شيأ وَقَوله مَعَ أَن التَّصْرِيح بِالْعُمُومِ الخ لَا يرد لما تقرر أَن ذَلِك التَّخْصِيص إِنَّمَا وَقع بِسَبَب دَعَا إِلَيْهِ هُوَ رد مَا افتروه كَمَا تقرر على أَنه تَعَالَى لم يقْتَصر عَلَيْهِ بل ذكره فِي آيَة سُبْحَانَ بعد أَن مهد بِبَيَان أَن حَسَنَات الْإِنْسَان لَهُ وسيآته عَلَيْهِ فَقَالَ {من اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا} وَذكر فِي آيَة فاطر بعده مَا يتَعَلَّق بِالْحَسَنَاتِ أَيْضا فَقَالَ {وَمن تزكّى} الْآيَة أَي تطهر عَن دنس الذُّنُوب فَإِنَّمَا يتزكى لنَفسِهِ إِذْ نَفعه لَهَا دون غَيرهَا فَذكر تَعَالَى هذَيْن السياقين سِيَاق الْمعاصِي وَمَا يتَعَلَّق بهَا ثمَّ سِيَاق الْحَسَنَات وَمَا يتَعَلَّق بهَا على أبلغ وَجه وأكمل تَقْرِير جَريا على بلاغة الْقُرْآن المقررة لكل مطلب على حِدته بِمَا لَا يبْقى فِي نفس الْمُنكر شُبْهَة وَلَا تردد بِوَجْه فَتَأمل ذَلِك فَإِنِّي لم أر من أَشَارَ إِلَى شَيْء مِنْهُ مِمَّا يتَعَلَّق بسؤال الْعِزّ (وَسُئِلَ) بلغه الله أمله وَختم بِالْخَيرِ عمله عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ فِي أَمَالِيهِ أَيْضا عَن قَوْله تَعَالَى {فضربنا على آذانهم فِي الْكَهْف سِنِين عددا} أَي ذَوَات عدد وَمَعْلُوم أَن السنين لَا تكون إِلَّا ذَوَات عدد فَمَا فَائِدَة ذكره وَلَيْسَ مثل قَوْله تَعَالَى {دَرَاهِم مَعْدُودَة} وَفِي أَيَّام معدودات لِأَن ذكر الْعدَد فيهمَا يدل على الْقلَّة لِأَن مَا كثر فِي الْغَالِب يتَعَذَّر عده لكثرته وَالْمرَاد هُنَا تَعْظِيم الصّفة فَعدم ذكر الْعدَد أولى بِهِ انْتهى (فَأجَاب) لَا زَالَ كفها للسَّائِل وعلومه استقامة للمائل بقوله فَائِدَة ذكره أَن مُدَّة لبثهم فِي الْكَهْف مَضْرُوبا على آذانهم وَقع الْخلاف فِي قدرهَا فَمنهمْ من قَالَ لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم لأَنهم كَانُوا نائمين لَا ينتبهون إِلَّا أَن نبهوا وَسبب الشَّك أَنهم كَانُوا نَامُوا غدْوَة وانتبهوا ظهرا فشكوا هَل هِيَ ظهر ذَلِك الْيَوْم فَيكون بعض يَوْم أَو ظهر الْيَوْم الَّذِي بعده فَيكون يَوْمًا وشيأ وَلم يذكروه إِلْغَاء للكسر وَمِنْهُم من يأوي عِنْد التَّرَدُّد ففوض علم ذَلِك إِلَى الله وَحَقِيقَة الْأَمر ذَلِك ذكره الله تَعَالَى بعد بقوله {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا} فالمدة طَوِيلَة جدا فِي نفس الْأَمر وقصيرة جدا فِي ظن بَعضهم وهم الْقَائِلُونَ {لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم} وَالْعدَد يُقَال للكثير لِأَن الْعَرَب كَانُوا فِيمَا دون الْأَرْبَعين يعدونه وَلَا يزنونه وَفِي الْأَكْثَر من ذَلِك يزنونه وَمَا دون الْأَرْبَعين الشَّامِل لتسعة وَثَلَاثِينَ من أعداد الْكَثْرَة لَا الْقلَّة وَتارَة يسْتَعْمل للتقليل وَهُوَ الثَّلَاثَة وَمَا دون الْأَحَد عشر وَمن الأول فِي أَيَّام معدودات وَمن الثَّانِي

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست