responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 187
{دَرَاهِم مَعْدُودَة} إِذا تقرر ذَلِك علم أَن وَصفه تَعَالَى السنين بالعد إِذْ الْمَعْنى مَعْدُودَة أَو ذَوَات عدد لَهُ نُكْتَة ظَاهِرَة جدا وَهِي أَن الْقَصْد فِي أول الْقِصَّة تعمية خبرهم وَبَيَان أَن الممتحنين للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - لَا يعلمُونَ هم وَلَا غَيرهم مُدَّة لبثهم حَقِيقَة فَأتى بِالسِّنِينَ الَّتِي هِيَ نَص فِي الْقلَّة لِأَنَّهَا مُلْحقَة بِجمع الْمُذكر السَّالِم مِمَّا يحْتَمل الْقلَّة وَيحْتَمل الْكَثْرَة مُبَالغَة فِي التعمية والامتحان كَمَا تقرر وَيدل لذَلِك تَعْلِيله تَعَالَى عقب ثمَّ بعثناهم بقوله عز من قَائِل {لنعلم أَي الحزبين أحصى لما لَبِثُوا} أَي أضبط حزرا من لبثهم إِذا تقرر ذَلِك علم الْجَواب عَن قَوْله فَمَا فَائِدَة ذكره وَأَنه لَيْسَ مثل {دَرَاهِم مَعْدُودَة} و {أَيَّام معدودات} وَأَن قَوْله فَهُوَ المُرَاد الخ مَمْنُوع بل المُرَاد مَا قَرّرته وَهُوَ مزِيد التعمية والامتحان ليخضعوا إِلَى الله ويردوا الْعلم إِلَيْهِ وَمن ثمَّ قَالَ تَعَالَى آخر الْقِصَّة {وَلَا تستفت فيهم مِنْهُم أحدا} ثمَّ أخبر بِمدَّة لبثهم الْحَقِيقِيّ وَبَين أَن أحدا لَا يُعلمهُ كَذَلِك غَيره لِأَنَّهُ من جملَة الْغَيْب الَّذِي انْفَرد تَعَالَى بِعِلْمِهِ وَهَذَا كُله لم أر من نبه عَلَيْهِ ثمَّ رَأَيْت الْفَخر الرَّازِيّ قَالَ قَالَ الزّجاج ذكر الْعدَد هُنَا مُفِيد كَثْرَة السنين وَكَذَلِكَ كل شَيْء مِمَّا يعد اذا ذكر فِيهِ الْعدَد وَوصف بِهِ يُفِيد كثرته لِأَنَّهُ إِذا قل فهم مِقْدَاره بِدُونِ التعديد أما إِذا كثر فهناك يحْتَاج إِلَى التعديد فَإِذا قلت أَقمت أَيَّامًا عددا أردْت أَيَّامًا ذَوَات عدد أَو مَعْدُودَة انْتهى وَفِيمَا ذكره نظر ظَاهر وَالصَّوَاب مَا قَرّرته فَتَأَمّله (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ فِي أَمَالِيهِ أَيْضا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} مَعَ قَوْله {وَكَذَلِكَ نجزي من أسرف} لِأَن من أسرف اندرج فِيمَن أعرض إِذْ المعرض أَعم من المسرف فَيلْزم أحد أَمريْن إِمَّا تَشْبِيه الشَّيْء بِنَفسِهِ أَو بَقَاء من أعرض على عُمُومه إِذا لم يخصص أَو تَشْبِيه الْأَعْلَى بالأدنى إِن كَانَ قد خصص لِأَن المسرف أعظم ذَنبا من المعرض لِأَن المعرض قد يعرض وَلَا يسرف وكلا الْأَمريْنِ مُشكل انْتهى (فَأجَاب) بقوله من تَأمل نظم الْآيَة علم أَن هَذَا إِشْكَال لَا يرد أصلا وَذَلِكَ أَن المعرض عَن الذّكر المكنى بِهِ عَن الْهدى الْمَذْكُور قبله وَهُوَ الْكتاب وَالرَّسُول لَا فادة أَنه مُذَكّر بِاللَّه وداع إِلَى عِبَادَته يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة إِذا حشره أعمى البصيرة وَهُوَ الْأَظْهر أَو الْبَصَر {رب لم حشرتني أعمى وَقد كنت بَصيرًا} فَيُجِيبهُ الله تَعَالَى بأمرين أَحدهمَا يتَعَلَّق بِهِ وَالثَّانِي يتَعَلَّق بِكُل من كَانَ على طَرِيقَته فَالْأول هُوَ قَوْله {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} وَالثَّانِي هُوَ قَوْله {وَكَذَلِكَ نجزي من أسرف وَلم يُؤمن بآيَات ربه} وَهَذَانِ الوصفان أَعنِي الْإِسْرَاف وَعدم الْإِيمَان بِالْآيَاتِ داخلان فِي الْإِعْرَاض السَّابِق وَكَانَ قَضِيَّة النّظم وَكَذَلِكَ نجزي من كَانَ مثلك وعَلى طريقتك لكنه عدل عَنهُ إِلَى ذَلِك الْبَيَان ليسجل عَلَيْهِ بالإسراف وَعدم الْإِيمَان بِالْآيَاتِ وَإِن جزاءه ذَلِك لَيْسَ خَاصّا بِهِ بل يعم كل من اتّصف بِمَا اتّصف بِهِ وَهُوَ الْإِعْرَاض الَّذِي هُوَ الْإِسْرَاف بالانهماك فِي الشَّهَوَات المنسي للتأمل فِي الْآيَات والأدلة وَعدم الْإِيمَان بهَا فَانْدفع بِمَا قَرّرته قَوْله لِأَن من أسرف اندرج فِيمَن أعرض لِأَن المعرض الخ وَوجه اندفاعه بِمَا علم مِمَّا قَرّرته أَن قَوْله {وَكَذَلِكَ نجزي من أسرف} لَيْسَ مَعْطُوفًا على من أعرض وَلَا هُوَ دَاخل فِي سِيَاقه وَإِنَّمَا هَذَا سِيَاق آخر كَمَا علمت فَإِن من أعرض من جملَة الْمَقُول لآدَم وحواء وَكَذَلِكَ نجزي من أسرف من جملَة الْمَقُول يَوْم الْقِيَامَة لكل من أعرض أَو لأحد الْأَفْرَاد المعرضين إِذْ الْآيَة تَشْمَل كلا من هذَيْن وشتان مَا بَين السياقين واندفع أَيْضا قَوْله إِذْ المعرض أَعم من المسرف وَوجه اندفاعه مَا قَرّرته بِمَا يَقْتَضِي أَن يكون عينه وَلَكِن إِنَّمَا عبر عَنهُ بسياقين مُخْتَلفين للتسجيل على كل معرض بِأَنَّهُ جمع بَين وصفي الْإِعْرَاض والإسراف وَعدم الْإِيمَان بِالْآيَاتِ واندفع قَوْله فَيلْزم أحد أَمريْن الخ وَوجه اندفاعه مَا مر من اخْتِلَاف السياقين وَالتَّعْبِير عَن المعرض بِمَا هُوَ من لَازمه للتسجيل عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يلْزم شَيْء من ذَلِك على أَن قَوْله أما تَشْبِيه الشَّيْء بِنَفسِهِ فِيهِ نظر بل اللَّازِم بمقتضي مَا ذكره تَشْبِيه الْجُزْء بكله وَقَوله إِن كَانَ قد خصص لِأَن المسرف الخ مَمْنُوع أَيْضا لما تقرر من استوائهما وَأَنه مَعَ ذَلِك لَيْسَ فِيهِ مَحْذُور بِوَجْه فَتَأمل ذَلِك كُله فَإِنِّي لم أر من نبه على شَيْء مِنْهُ انْتهى (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ فِي أَمَالِيهِ أَيْضا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} فِيهِ إِشْكَال لِأَن ذكره بعد قَوْله {أم اتَّخذُوا آلِهَة من الأَرْض هم ينشرون} يبطل قَوْلهم وَهَذَا لَا يُبطلهُ لِأَن الْمُلَازمَة بَين الْفساد والإله الثَّانِي إِنَّمَا تصدق إِذا كَانَ الْإِلَه الثَّانِي تَاما حَتَّى يلْزم التمانع وهم لم يدعوا ذَلِك أَلا تراهم

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست