responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 184
الْمَاضِي قَالُوا أعجبني أَن قُمْت وَإِذا أَرَادوا فِي الْمُسْتَقْبل قَالُوا أَن تقوم وَهُوَ معنى قَول النُّحَاة أَن تخلص الْفِعْل للمستقبل إِذا تقرر ذَلِك فَنَقُول الْمُشْركُونَ قَالُوا هَذَا الْقُرْآن افترى أَي فِي الزَّمن الْمَاضِي فَكيف ينفى افتراؤه فِي الزَّمن الْمُسْتَقْبل اه فَمَا الْجَواب عَن ذَلِك (فَأجَاب) رَحمَه الله تَعَالَى بقوله لم أر من أَشَارَ لجواب ذَلِك وَلكنه ظَاهر لمن تَأمل السَّبَب الَّذِي ورد لأَجله هَذَا النَّفْي وَبَيَانه أَن الْكفَّار طلبُوا من النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أَن يَأْتِيهم بقرآن غير مَا سمعُوا مِنْهُ كَمَا حَكَاهُ تَعَالَى عَنْهُم بقوله تَعَالَى {وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذين لَا يرجون لقاءنا ائْتِ بقرآن غير هَذَا أَو بدله} ثمَّ طلبُوا مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَن يَأْتِيهم بِآيَة أُخْرَى كَمَا حَكَاهُ تَعَالَى بقوله {وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَة من ربه} وَقد أبطل الله مَا قَالُوهُ أَولا بقوله {قل مَا يكون لي أَن أبدله من تِلْقَاء نَفسِي إِن أتبع إِلَّا مَا يُوحى إِلَيّ} وَمَا قَالُوهُ ثَانِيًا بقوله فَقل إِنَّمَا الْغَيْب لله ثمَّ ذكر تَعَالَى مَا يُقرر ذَلِك وَيُؤَيِّدهُ إِلَى أَن انْتهى هَذَا السِّيَاق فختمه بِمَا يبطل ذَيْنك الْقَوْلَيْنِ الصادرين عَن جهلهم المفرط وحماقتهم الْبَالِغَة فَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآن أَن يفترى من دون الله} وَوَجهه بِمَا فِيهِ الرَّد عَلَيْهِم أَنهم اعتقدوا أَن الْقُرْآن لبشر وَأَن مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - أَتَى بِهِ من عِنْد نَفسه اختلاقا وافتعالا فَبين الله لَهُم بِهَذِهِ الْآيَة بعد أَن بَين لَهُم ذَلِك أَيْضا بسوابقها ومتعلقاتها أَن هَذَا الْقُرْآن لَا يُمكن أَن يفترى مِنْهُ شَيْء فِي الْمُسْتَقْبل من غير الله فَكيف تطالبون مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِأَن يأتيكم بقرآن آخر غير مَا سمعتوه أَو بِآيَة أُخْرَى غير الْقُرْآن وَقد علمْتُم اسْتِحَالَة افتراء الْقُرْآن المستلزم لِاسْتِحَالَة افتراء الْآيَات فالتعبير بِأَن يفترى بِفَرْض دلَالَة أَن هُنَا عَلَيْهِ إِنَّمَا وَقع طبقًا لرد مخترعهم الَّذِي طلبُوا مِنْهُ أَن يَأْتِيهم بِهِ فِي الْمُسْتَقْبل لَا للِاحْتِرَاز عَن الْمَاضِي وَالْحَال لِأَن اسْتِحَالَة افترائه فيهمَا علم من غير ذَلِك بل وَمن هَذَا أَيْضا لِأَن كل مَا اسْتَحَالَ الْإِتْيَان بِهِ فِي الْمُسْتَقْبل يَسْتَحِيل الْإِتْيَان بِهِ فِي الْمَاضِي وَالْحَال لِأَنَّهُمَا مستقبلان بِالنِّسْبَةِ لما قبلهمَا إِذا تقرر ذَلِك علم جَوَاب إِشْكَال الْعزو وَأَنه انما يتَوَجَّه على مَا زَعمه من أَن هَذَا الْجَواب لقَولهم افترى هَذَا الْقُرْآن فِي الزَّمن الماضى وَقد بَان انْتِفَاء ذَلِك وَأَن هَذَا لَيْسَ جَوَابا لذَلِك أصلا كَيفَ وَذَلِكَ مَذْكُور بجوابه أثر هَذَا الختام لذَلِك السِّيَاق كَمَا قَدمته فَإِنَّهُ تَعَالَى لما ذكر ذَيْنك الْقَوْلَيْنِ السَّابِقين وأبطلهما وَختم سياقهما بِهَذَا ذكر عقبه مَا يَقُولُونَهُ فِي الْقُرْآن النَّازِل الَّذِي سَمِعُوهُ مَعَ جَوَابه أَيْضا فَقَالَ {أم يَقُولُونَ افتراه قل فَأتوا بِسُورَة مثله} وَمَعَ تَأمل هَذَا وتدبره لَا يتَوَجَّه إِشْكَال الْعِزّ أصلا وَلَا يَصح قَوْله {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآن أَن يفترى من دون الله} جَوَابا لقَولهم افتراه فِي الزَّمن الْمَاضِي وَاعْلَم أَن هَذَا كُله بِنَاء على تَسْلِيم مَا ذكر عَن الْعَرَب من تِلْكَ الْقَاعِدَة وَأَنَّهَا عَامَّة حَتَّى فِي غير كَانَ المنفية وَلَك أَن لَا تسلم عمومها لذَلِك اسْتِدْلَالا بقوله تَعَالَى {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} فَإِنَّهُ نزل نهيا عَن اسْتِغْفَار سبق مِنْهُم للْمُشْرِكين كَمَا قَالَه أَئِمَّة التَّفْسِير فَدلَّ على أَن أَن فِي خبر كَانَ لَا يفرق بَين مَاض وَغَيره لانسحاب مضى كَانَ على خَبَرهَا فَيلْزم مضيه فِي الْمَعْنى وَإِن دخلت عَلَيْهِ أَدَاة الِاسْتِقْبَال لفظا وَمن ثمَّ أعربوا أَن يفترى فِي الْآيَة افتراء ومفترى أَو ذَا افتراء كل هَذَا فِيهِ دَلِيل لما ذكرته من أَن حَقِيقَة الِاسْتِقْبَال هُنَا غير مُرَادة لوُجُود كَانَ على مَا تقرر وَعبارَة أبي حَيَّان أَي وَمَا صَحَّ وَلَا استقام أَن يكون هَذَا الْقُرْآن المعجز مفترى قَالَ وَالظَّاهِر أَن أَن يفترى هُوَ خبر كَانَ أَي ذَا افتراء أَو مفترى وَزعم بَعضهم أَن أَن هَذِه هِيَ الْمقدرَة بعد لَام محذوفة وَأَن يفترى معموله وَحِينَئِذٍ فَلَا يرد سُؤَاله من أَصله فَتَأمل ذَلِك فَإِنِّي لم أجد الْآن شيأ أراجعه من مطولات كتب النَّحْو (وَسُئِلَ) رَحمَه الله عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ بن عبد السَّلَام فِي أَمَالِيهِ عَن قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {وَاشْدُدْ على قُلُوبهم هَذَا} مُشكل لِأَنَّهُ طلب أَن يشدد رِبَاط قُلُوبهم حَتَّى لَا يدخلهَا الْإِيمَان والطلب مُسْتَلْزم للإرادة فَكيف يطْلب وَيُرِيد مَا أَمر الله بِخِلَافِهِ مِنْهُم وَلَيْسَ مثل قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا ضلالا} لِأَن نوحًا قيل لَهُ أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن فأيس من إِيمَانهم بِخِلَاف مُوسَى (فَأجَاب) رَحمَه الله لَا إِشْكَال فِيهِ عِنْد التَّأَمُّل لِأَن الْعِزّ إِنَّمَا بنى إشكاله على أَن الطّلب مُسْتَلْزم للإرادة مِنْهُم حَيْثُ قَالَ بعد الاسلتزام الَّذِي ذكره فَكيف يطْلب وَيُرِيد لما أَمر الله أَن يكرههُ مِنْهُم وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ذكر وَبَيَانه أَن الطّلب

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست