responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 183
لكَونه تَابَ وتعيينه دلّ عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِشَهَادَة الْوَاقِع (وَسُئِلَ) نفعنا الله بِعُلُومِهِ عَمَّا سَأَلَ العزر رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَمَالِيهِ أَيْضا عَن قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَقدره منَازِل لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب} فَجعل علم الْعدَد والحساب مَعْلُوما للمنازل مَعَ أَنه لَا يفْتَقر فِي معرفَة هذَيْن لكَون الْقَمَر مُقَدرا بالمنازل بل غروبه وطلوعه كَاف انْتهى فَمَا الْجَواب (فَأجَاب) أَعلَى الله تَعَالَى على النيرين مَنْزِلَته وبلغه فِي الدَّاريْنِ أمْنِيته بقوله ظَاهر تَقْرِيره أَن الضَّمِير الْمَفْعُول فِي قدره للقمر وَحده وتخصيصه بِالذكر لسرعة سيره ومعاينة مَنَازِله وإناطة أَحْكَام الشَّرْع بِهِ وَلِأَن بِهِ يعرف انْقِضَاء الشُّهُور والسنين لَا بالشمس وَلِأَنَّهُ هُوَ عُمْدَة الْعَرَب فِي تواريخهم وَقيل الضَّمِير لَهما لاشْتِرَاكهمَا فِي معرفَة عدد السنين والحساب وَاكْتفى بِذكر الْقَمَر لما ذكر ثمَّ منَازِل الْقَمَر هِيَ الْمَشْهُورَة وَهِي الثَّمَانِية وَالْعشْرُونَ منزلَة وَهَذِه الْمنَازل مقسومة على البروج الاثْنَي عشر لكل برج منزلتان وَثلث فَينزل الْقَمَر كل لَيْلَة مِنْهَا منزلَة فَيسْتر لَيْلَتَيْنِ إِن تمّ الشَّهْر وَإِلَّا فليلة فانقضاؤه مَعَ نُزُوله تِلْكَ الْمنَازل ومقام الشَّمْس فِي كل منزلَة ثَلَاثَة عشر يَوْمًا وبانقضائها تَنْقَضِي السّنة وسلطان الشَّمْس بِالنَّهَارِ وسلطان الْقَمَر بِاللَّيْلِ وبحركة الشَّمْس تنفصل السّنة إِلَى الْفُصُول الْأَرْبَعَة وبالفصول الْأَرْبَعَة تنتظم مصَالح هَذَا الْعَالم وبحركة الْقَمَر تحصل الشُّهُور وباختلاف حَاله فِي زِيَادَة ضوئه ونقصه يخْتَلف أَحْوَال رطوبات هَذَا الْعَالم وبسبب الْحَرَكَة اليومية يحصل النَّهَار الَّذِي هُوَ مَحل الْكسْب وَاللَّيْل الَّذِي هُوَ مَحل الرَّاحَة وَهَذَا يدل على كَثْرَة رَحمته تَعَالَى لِلْخلقِ وعظيم عنايته تَعَالَى بهم قَالَ حكماء الْإِسْلَام هَذَا يدل على أَنه تَعَالَى أودع فِي أجرام الأفلاك وَالْكَوَاكِب أَشْيَاء مُعينَة من الْخَواص وقوى مَخْصُوصَة باعتبارها تنتظم مصَالح هَذَا الْعَالم السفلي إِذْ لَو لم يكن لَهَا آثَار وفوائد فِي هَذَا الْعَالم لَكَانَ خلقهَا بِغَيْر فَائِدَة فِينَا فِي تِلْكَ النُّصُوص إِذا تقرر ذَلِك ظهر أَن لمعْرِفَة الْمنَازل فِي الْقَمَر وَالشَّمْس دخلا أَي دخل فِي معرفَة عدد السنين وشهورها وأيامها وَفِي معرفَة حِسَاب الْأَوْقَات وآجال الدُّيُون والمعاملات وَغَيرهمَا بل كَمَال ذَلِك ومعرفته على حَقِيقَته لَا يعرفهُ إِلَّا من عرف تِلْكَ الْمنَازل وحسابها وَكَيْفِيَّة سير النيرين فِيهَا وانتقالهما من بَعْضهَا إِلَى بعض وَأما مُجَرّد معرفَة غرُوب الْقَمَر وطلوعه فَلَا يحصل بِهِ تَمام ذَلِك فاتضح أَن لهيئة تِلْكَ الْمنَازل وحسابها للنيرين أَو الْقَمَر عِلّة وَاضِحَة لعلم السنين وحساب نَحْو الْأَوْقَات على وَجههَا وَأَن هَذَا الْعلم مَعْلُول لتِلْك الْهَيْئَة وَأَنه لَا غُبَار على ذَلِك وَأَن قَول العزانه لَا يفْتَقر فِي معرفَة هذَيْن لكَون الْقَمَر مُقَدّر بالمنازل وَأَن الطُّلُوع والغروب كَاف مَمْنُوع إِذْ لَو شَاهد الْجَاهِل بالمنازل لطلوع الْقَمَر أثْنَاء اللَّيْل فَقيل لَهُ مَا الْمَاضِي أَو الْبَاقِي من اللَّيْل أَو وَقت الْعشَاء لم يعرف الْجَواب مَعَ مشاهدته لطلوعه بِخِلَاف من يعرف الْمنَازل فَإِنَّهُ يعرف ذَلِك وَمَا هُوَ أدق مِنْهُ بِأَدْنَى الْتِفَات إِلَيْهِ فَإِن قلت الَّذِي ظهر مِمَّا قَرّرته هُوَ معرفَة الْحساب الْمَذْكُور أما علم عدد السنين فَلَا يتَوَقَّف على معرفَة الْمنَازل أصلا فَكيف جعل معلولا لتقدير الْمنَازل قلت الْموَاد بِعَدَد السنين مَا يَشْمَل عدد أَجْزَائِهَا من الشُّهُور وَالْأَيَّام والساعات وَلَا يعرف كَمَال ذَلِك أَيْضا بل أَصله إِلَّا من عرف تِلْكَ الْمنَازل فَلَا إِشْكَال حِينَئِذٍ فِي الْآيَة بِوَجْه وَلم أرى أحدا نبه على ذَلِك وَالله الْمُوفق للصَّوَاب (فَائِدَة) الضياء هُوَ أعظم وأبلغ من النُّور لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي سطوعا ولمعانا مفرطا بِخِلَاف النُّور فَلِذَا اخْتصّت الشَّمْس بالضياء وَالْقَمَر بِالنورِ لكنه مُشكل بقوله تَعَالَى {الله نور السَّمَوَات وَالْأَرْض مثل نوره} الْآيَة فَإِن إِيثَار النُّور فِيهَا يَقْتَضِي أَنه أبلغ وَأعظم فِي الرونق وَأجَاب ابْن عَطِيَّة بِأَن النُّور هُنَا أبلغ وَأحكم لِأَنَّهُ تَعَالَى شبه هداه ولطفه الَّذِي نَصبه ليهتدى بِهِ فَأَصَابَهُ قوم وضل عَنهُ آخَرُونَ بِالنورِ الَّذِي هُوَ أبدا مَوْجُود فِي اللَّيْل وأثناء الظلام وَلَو شبه بالضياء لوَجَبَ أَن لَا يضل أحدا إِذا كَانَ الْهدى يكون كَالشَّمْسِ الَّتِي لَا تبقى مَعهَا ظلمَة فَمَعْنَى الْآيَة أَنه تَعَالَى جعل هداه فِي الْكفْر كالنور فِي الظلام فاهتدى قوم وضل آخَرُونَ وَلَو جعله كالضياء لما أضلّ بِهِ أحد انْتهى (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ وبعلومه عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ بن عبد السَّلَام رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَمَالِيهِ أَيْضا عَن قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآن أَن يفترى من دون الله} فَقَالَ فِيهِ إِشْكَال لِأَن الْعَرَب إِذا أَرَادَت أَن تخبر بِالْمَصْدَرِ مَعَ قطع النّظر عَن الزَّمَان قَالُوا أعجبني قيامك وَإِن أَرَادوا أَن يخبروا بِأَن ذَلِك الْمصدر كَانَ فِي

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست