responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 182
إِذْ رفع بَصَره إِلَى كَوْكَب مضيء فَلَمَّا أفل قَالَ لَو كَانَ هَذَا الْكَوْكَب إِلَهًا لما انْتقل من الْعُلُوّ إِلَى الهبوط وَمن الْقُوَّة إِلَى الضعْف وَمن الْوُجُود إِلَى الْعَدَم وَمن الظُّهُور إِلَى الْغَيْبَة ثمَّ فِي أثْنَاء ذَلِك الْكَلَام بزغ الْقَمَر وَأَقل فَأَعَادَ عَلَيْهِم ذَلِك الْكَلَام وَكَذَا القَوْل فِي الشَّمْس إِذا تقرر ذَلِك علم اندفاع قَول الْعِزّ فَلَا معنى لاختصاصه بِهِ كَيفَ وَمَعْنَاهُ أظهر من نَار على علم لما تقرر أَن التَّغْيِير وَأَن حدث قبل الأفول إِلَّا أَنه فِيهِ أظهر وَأتم وأوضح وأعم وَقَوله فَيلْزم فِي حق الْإِلَه مَمْنُوع لِأَن غيبَة الْكَوْكَب غيبَة بعد ظُهُور وهبوط بعد علو وَنقص بعد كَمَال وَعدم بعد وجود الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى منزه عَن جَمِيع ذَلِك وَقَوله عَن التَّغْيِير لَيْسَ فِيهِ فَائِدَة بل موهم خلاف المُرَاد وَقَوله فقد كَانَ نَاقِصا عِنْد الْإِشْرَاق مُسلم وَلَكِن شتان بَين نَقصه عِنْده ونقصه بالأفول كَمَا تقرر وَقَوله أَيْضا فَذَاك مَعْلُوم لَهُ قبل الأفول أَنه يأفل مُسلم أَيْضا وَلَكِن استدلاله بالأفول عِنْد مشاهدته أبلغ فِي إِلْزَام الْخصم وأقهر لَهُ وأوقع لدعواه وَمن عَادَة إِبْرَاهِيم - صلى الله عليه وسلم - أَنه ينْتَقل إِلَى أظهر الْأَدِلَّة وَإِن حصل مَقْصُوده بِغَيْرِهِ أَلا ترَاهُ فِي حجاجه مَعَ النمروذ كَانَ يُمكنهُ أَن يَقُول أَحَي من أمته وَمَعَ ذَلِك انْتقل عَن ذَلِك إِلَى مَا هُوَ أبلغ فِي قهره وألزم لَهُ فَقَالَ {إِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فأت بهَا من الْمغرب} قَالَ تَعَالَى {فبهت الَّذِي كفر} فَعلم أَن الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم يراعون فِي إِقَامَة الْأَدِلَّة على الدَّعْوَى إِلَى الله تَعَالَى أوضحها وأظهرها وأكملها وأقهرها لتظهر حجتهم لكل أحد ويفتضح معاندهم إِلَى الْأَبَد وَقَوله فِي الْمشرق مسَاوٍ لحالته فِي الْمغرب مَمْنُوع بل بَينهمَا بون بَائِن مِمَّا تقرر الْمرة بعد الْمرة والكرة بعد الكرة وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يوفقنا لإصابة الصَّوَاب ويهدينا إِلَى مَا يُحِبهُ ويرضاه ويجزل لنا عَظِيم الثَّوَاب أَنه الْكَرِيم الْجواد الَّذِي لَيْسَ لنعمته من نفاد (خَاتِمَة) دلّت الْآيَة على أَحْكَام لَا بَأْس بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهَا أَو بَعْضهَا مِنْهَا أَنه تَعَالَى لَيْسَ بجسم وَإِلَّا كَانَ غَائِبا أبدا وَكَانَ آفلا أبدا وَأَنه لَيْسَ محلا للحوادث كَمَا زَعمه الكرامية وَإِلَّا كَانَ متغير أَو حِينَئِذٍ يحصل معنى الأفول وَذَلِكَ محَال وَأَن إِقَامَة الْأَدِلَّة على التَّوْحِيد هُوَ شعار الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم وَأَن التَّقْلِيد فِي ذَلِك غير مغن شيأ كَمَا قَالَه كَثِيرُونَ أَو مغن شيأ وَلكنه نَاقص عَن الِاسْتِدْلَال وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيق وَأَن معارف الْأَنْبِيَاء برَبهمْ استدلالية ضَرُورِيَّة وَأَن الطَّرِيق فِي معرفَة الله تَعَالَى النّظر فِي مخلوقاته إِذْ لَو أمكن تَحْصِيلهَا بطرِيق آخر أسهل من ذَلِك لسلكه إِبْرَاهِيم صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم وَقَوله {إِنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون} مَبْنِيّ على مَا أثْبته بِالدَّلِيلِ أَن هَذِه الْكَوَاكِب لَا تصلح للربوبية وَلَا للألوهية لكنه اسْتشْكل بِأَن دلَالَة الدَّلِيل على نفي ألوهية الْكَوَاكِب لَا يلْزم مِنْهُ نفي الشَّرِيك مُطلقًا وَإِثْبَات التَّوْحِيد وَجَوَابه أَن الْقَوْم كَانُوا مساعدين على نفي سَائِر الشُّرَكَاء وَإِنَّمَا نازعوا فِي هَذِه الصُّورَة الْمعينَة فَلَمَّا ثَبت بِالدَّلِيلِ أَنَّهَا لَيست أَرْبَابًا وَثَبت بالِاتِّفَاقِ نفي غَيرهَا حصل الْجَزْم بِنَفْي كل شريك وَإِثْبَات التَّوْحِيد الْمُطلق لله تَعَالَى وَحده فَإِن قلت ثَبت أَن قومه كَانُوا يعْبدُونَ الْأَصْنَام أَيْضا قلت لم يَكُونُوا مَعَ ذَلِك معتقدين الألوهية إِلَّا للنجوم وَأَن تِلْكَ صُورَة يتَقرَّب بعبادتها إِلَى النُّجُوم كَمَا حكى عَنْهُم وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم (وَسُئِلَ) نفع الله بِعُلُومِهِ عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ فِي أَمَالِيهِ أَيْضا عَن معنى قَوْله تَعَالَى {إِن نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم نعذب طَائِفَة} كَيفَ يَصح أَن يكون نعذب طَائِفَة جَوَاب الشَّرْط وَعَذَاب الطَّائِفَة لَا يتَوَقَّف على الْعَفو عَن الْأُخْرَى كَيفَ يقدر الْجَواب انْتهى فَمَا الْجَواب (فَأجَاب) أسْكنهُ الله جنَّة المآب وأوضح بِهِ طَرِيق الصَّوَاب بقوله لم أر من نبه على جَوَاب ذَلِك لكنه يعلم من سَبَب نزُول الْآيَة وَهُوَ أَنه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يسير فِي غَزْوَة تَبُوك وَبَين يَدَيْهِ ثَلَاثَة نفر من الْمُنَافِقين اثْنَان يستهزآن بِالْقُرْآنِ وَالرَّسُول وَالْآخر يضْحك فالطائفتان ثَلَاثَة وَاحِد تَابَ فعفى عَنهُ وَهُوَ محشي ابْن جُبَير الْأَشْجَعِيّ يُقَال هُوَ الَّذِي كَانَ يضْحك وَلَا يَخُوض مجانبا لَهُم وينكر بعض مَا سمع فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة وَهِي {وَلَئِن سَأَلتهمْ ليَقُولن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب} إِلَى آخرهَا تَابَ من نفَاقه وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَل وفاتي قتلا فِي سَبِيلك لَا يَقُول أحد أَنا غسلت أَنا كفنت أَنا دفنت فأصيب يَوْم الْيَمَامَة فَمَا أحد من الْمُسلمين إِلَّا عرف مصرعه وَأما هُوَ فَلم يعرف لَهُ مصرع وَلم يظفر أحد بجثته وَأما الْآخرَانِ فَلَمَّا يتوبا أَحدهمَا عبد الله بن أبي إِذا تقرر ذَلِك علم أَن التَّقْدِير إِن نعف عَن وَاحِد مِنْكُم أَيهَا الثَّلَاثَة

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست