responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 181
الِاعْتِرَاف بِالْحَقِّ لاحْتِمَال أَنه إِنَّمَا اتّفقت مكالمته مَعَهم حَال طُلُوع ذَلِك النَّجْم ثمَّ اشتدت تِلْكَ المناظرة إِلَى أَن طلع الْقَمَر وطلعت الشَّمْس بعده فَثَبت بِهَذِهِ الْأَدِلَّة الظَّاهِرَة أَنه لَا يجوز أَن إِبْرَاهِيم - صلى الله عليه وسلم - قَالَ على سَبِيل الْجَزْم هَذَا رَبِّي وَإِذا بَطل هَذَا فَتلك المناظرة إِمَّا أَن تكون بعد الْبلُوغ وَحِينَئِذٍ فَقَوله هَذَا رَبِّي لَيْسَ إِخْبَارًا بل حِكَايَة لمعتقدهم حَتَّى يرجِعوا إِلَيْهِ فيبطله بقوله لَا أحب الآفلين كَمَا تَقول فِي الْبَحْث مَعَ الفلاسفة الْقَائِلين بقدم الْأَجْسَام الْجِسْم قديم فَلم نشاهده مركبا متغيرا وَيُؤَيّد ذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه} أَو هَذَا رَبِّي فِي زعمكم فَلَمَّا غَابَ قَالَ لَو كَانَ إِلَهًا لما غَابَ أَو هَذَا يرجع لما قبله خلافًا لمن غاير بَينهمَا أَو أَنه اسْتِفْهَام إنكاري بِحَذْف أداته لدلَالَة السِّيَاق عَلَيْهِ على حد {أفائن مت فهم الخالدون} أَي فهم الخالدون على أحد الْأَقْوَال أَو بِتَقْدِير القَوْل أَي يَقُولُونَ هَذَا رَبِّي أَي الَّذِي يربيني وإضماره كثير وَمِنْه {وَإِذا يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت واسمعيل رَبنَا} الْآيَة أَو ذكره استهزاء كَمَا يُقَال لذليل سَاد قوما هَذَا سيدكم أَو قَالَه خداعا لَهُم ليوهمهم أَنه مُعظم لما عظموه حَتَّى يلْقوا إِلَيْهِ مقاليد عُقُولهمْ ويقبلوا مَا صدر عَنهُ فَلَمَّا أفل أَرَاهُم نقص النُّجُوم وَأَنَّهَا لَا تصلح للألوهية وَلَا مَحْذُور فِي إِيهَام ذَلِك التَّعْظِيم لِأَنَّهَا مصلحَة عَامَّة من غير حُصُول مَحْذُور لما تقرر من أَن قَوْله هَذَا رَبِّي مُحْتَمل لعدة أُمُور على أَن التَّلَفُّظ بِكَلِمَة الْكفْر إِذا جَازَ للإكراه فَلِأَن يجوز إِذا استعقب فِي ظن الْقَائِل هِدَايَة أَقوام إِلَى الله بطرِيق الأولى وَقد وَقع لإِبْرَاهِيم نَظِير ذَلِك فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَنهُ {فَنظر نظرة فِي النُّجُوم فَقَالَ إِنِّي سقيم} وَذَلِكَ لأَنهم كَانُوا يستدلون بِعلم النَّجْم على حُصُول الْحَوَادِث الْمُسْتَقْبلَة فوافقهم على هَذَا الطَّرِيق فِي الظَّاهِر مَعَ بَرَاءَته عَنهُ فِي الْبَاطِن وقصده أَن يتَوَصَّل بِهِ إِلَى كسر الْأَصْنَام وَنَظِيره 7 أَن جَوَاب لما ورد لدَعْوَة قومه فَرَآهُمْ عاكفين على عبَادَة جسم فأوهمهم أَنه يعظمه حَتَّى رجعُوا إِلَيْهِ فِي أَكثر أُمُورهم فدهمهم عَدو فشاوروه فِي أمره فَقَالَ ادعوا الصَّنَم فَدَعوهُ فَلم يفد فَلَمَّا بَين لَهُم أَنه لَا ينفع وَلَا يدْفع دعاهم إِلَى أَن يدعوا الله فَدَعوهُ فصرف عَنْهُم فأسلموا وَأما أَن يكون قبل الْبلُوغ وَتَقْرِيره أَنه كَانَ كَامِل الْعقل فِي صغره أَيْضا فخطر لَهُ إِثْبَات الصَّانِع بالأدلة القطعية فَلَمَّا رأى الْكَوْكَب أبطل ألوهيته بأفوله وَكَذَا الْقَمَر وَالشَّمْس إِذا تمهدت هَذِه الْمُقدمَة فإشكال الْعِزّ بن عبد السَّلَام قد ذكره غَيره كَمَا تقرر وَتَقْرِير الْمَقْصُود مِنْهُ أَن إِبْرَاهِيم - صلى الله عليه وسلم - اسْتدلَّ بأفول الْكَوَاكِب على امْتنَاع ربوبيتها والأفول عبارَة عَن غيبوبة الشَّيْء بعد ظُهُوره فَيدل على الْحُدُوث من حَيْثُ أَنه حَرَكَة وعَلى هَذَا التَّقْدِير فالطلوع أَيْضا حَرَكَة فَلم ترك الِاسْتِدْلَال على حدوثها بالطلوع وعول فِي إِثْبَات هَذَا الْمَطْلُوب على الأفول وَجَوَابه أَن الطُّلُوع والغروب يَشْتَرِكَانِ فِي الدّلَالَة على الْحُدُوث إِلَّا أَن الدَّلِيل الَّذِي يحْتَج بِهِ الْأَنْبِيَاء فِي معرض دَعْوَة الْخلق كلهم إِلَى الله تَعَالَى لَا بُد وَأَن يكون ظَاهرا بِحَيْثُ يشْتَرك فِي فهمه الذكي والغبي كدلالة الْحَرَكَة على الْحُدُوث وَإِن كَانَت يقينة إِلَّا أَنَّهَا دقيقة إِلَّا على الأفاضل من الْخلق أما دلَالَة الأفول على هَذَا الْمَقْصُود فَإِنَّهَا ظَاهِرَة يعرفهَا كل أحد فَإِن الأفل يَزُول سُلْطَانه وَقت الأفول من حَيْثُ أَن الأفول غيبوبة والإله المعبود الْقَادِر الْعَالم لَا يغيب وَلِهَذَا اسْتدلَّ بِظُهُور الْكَوْكَب وببزوغ الشَّمْس على الإلهية وَاسْتدلَّ بأفولها على عدم الألوهية وَلم يتَعَرَّض للاستدلال بالحركة أَهِي تدل على الْحُدُوث أَو لَا قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ وَفِيه دقيقه وَهُوَ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا كَانَ يناظرهم وهم كَانُوا منجمين ومذهبهم أَن الْكَوْكَب إِذا كَانَ فِي الرّبع الشَّرْقِي وَيكون صاعدا إِلَى وسط السَّمَاء كَانَ قَوِيا عَظِيم التَّأْثِير أما إِذا كَانَ غَرِيبا أَو قريب الأفول فَإِنَّهُ يكون ضَعِيف الْأَثر قَلِيل الْقُوَّة فَدلَّ بِهَذِهِ الدقيقة على أَن إلهه الَّذِي لَا تَتَغَيَّر قدرته إِلَى الْعَجز وكماله إِلَى النَّقْص وَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُم مذهبكم أَن الْكَوْكَب حَال كَونه فِي الرّبع الغربي يكون ضَعِيف الْقُوَّة نَاقص التَّأْثِير عَاجِزا عَن التَّدْبِير وَذَلِكَ يدل على الْقدح فِي ألوهيته لَا يُقَال تِلْكَ اللَّيْلَة كَانَت مسبوقة بنهار وليل فأفول تينك النيرين كَانَ حَاصِلا فِيمَا قبل فَلَا فَائِدَة لتخصيص الأفول الْحَاصِل فِي هَذِه اللَّيْلَة لأَنا نقُول قد بَان مِمَّا سبق أَنه - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا أورد هَذَا الدَّلِيل على الْقَوْم الَّذين كَانَ يَدعُوهُم من عبَادَة النُّجُوم إِلَى التَّوْحِيد أَنه كَانَ جَالِسا مَعَهم لَيْلَة من اللَّيَالِي فزجرهم عَن عبَادَة الْكَوَاكِب فَبَيْنَمَا هم فِي تَقْرِير الْكَلَام

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست