responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 180
فِي أماله أَيْضا عَن قَوْله تَعَالَى {قَالَ لَا أحب الآفلين} فَقَالَ هَذَا مُشكل غَايَة الْإِشْكَال لِأَن الدَّال على عدم الآلهية الْكَوَاكِب إِن كَانَ التَّغَيُّر وَقد وجد الْأَقْوَال فَلَا معنى لاختصاصه بِهِ وَإِن كَانَ الْغَيْبَة عَن الْبَصَر فَيلْزم فِي حق الله تَعَالَى وَإِن كَانَ كَونه انْتقل من كَمَال وَهُوَ الْعُلُوّ إِلَى النُّقْصَان فقد كَانَ نَاقِصا عِنْد الْإِشْرَاق وَأَيْضًا فَذَلِك معلومه لَهُ قبل الأفول أَنه يأفل وَأَنه فِي الْمشرق مسَاوٍ لحالته فِي الْمغرب اه فَمَا الْجَواب (فَأجَاب) أتم الله عَلَيْهِ نوره ووالى عَلَيْهِ نعمه وسروره بقوله ذكر غير وَاحِد من الْمُفَسّرين هَذَا الْإِشْكَال وَجَوَابه لكنه يحْتَاج إِلَى مُقَدمَات توضحه فَمَعْنَى {جن عَلَيْهِ اللَّيْل} أظلم والكوكب النَّجْم قَالَ الرَّاغِب لَا يُقَال فِي النَّجْم كَوْكَب إِلَّا عِنْد ظُهُوره قيل كافه الأولى زَائِدَة على خلاف الأَصْل إِذْ هِيَ لَيست من حُرُوف الزِّيَادَة والأفول الْغَيْبَة والذهاب والبزوغ الِابْتِدَاء فِي الطُّلُوع كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من البزغ وَهُوَ الشق لِأَنَّهُ بنوره يشق الظلمَة شقا وَالْقَمَر مَعْرُوف سمى بِهِ لبياضه وانتشار ضوئه وَقيل لِأَنَّهُ يقمر ضوء الْكَوَاكِب وينور بِهِ وَذكر الشَّمْس فِي {هَذَا رَبِّي} وأنثها فِي {بازغة} لِأَن فِيهَا لغتين التَّذْكِير والتأنيث فالتذكير بِتَأْوِيل الْكَوْكَب أَو الضَّوْء أَو النُّور أَو الطالع أَو الشَّخْص أَو الشَّيْء أَو لكَونه أخبر عَنْهَا بمذكر والمبتدأ وَالْخَبَر كالشيء الْوَاحِد وَقَول أبي حَيَّان على لُغَة أَكثر الْأَعَاجِم لأَنهم لَا يفرقون فِي الضمائر وَأَسْمَاء الْإِشَارَة بَين الْمُذكر والمؤنث مَرْدُود بِأَن هَذَا إِنَّمَا يُقَال لَو عبر بلغَة إِبْرَاهِيم وَهِي العبرانية وَنقل الطَّبَرِيّ أَن سَبَب نطقه بهَا لما عبر النَّهر فَارًّا من النمروذ وَكَانَ وصّى من أرسلهم لإحضاره أَن يأتوه بِمن يسمعونه يتَكَلَّم بالسُّرْيَانيَّة فَلَمَّا أدركوه استنطقوه فحول الله لِسَانه عبرانيا فسميت العبرانية لِأَنَّهَا كَانَت عِنْد عبوره النَّهر وَذكر ابْن سَلام أَن سَبَب تَسْمِيَة السريانية بذلك أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِين علم آدم الْأَسْمَاء علمه إِيَّاهَا سرا عَن الْمَلَائِكَة وأنطقه بِمَا ذكرُوا أَكثر الْمُفَسّرين أَن إِبْرَاهِيم - صلى الله عليه وسلم - ولد زمن ملك رأى رُؤْيا عبرها المعبرون بِأَنَّهُ يُولد غُلَام يكون هَلَاك ملكه على يَدَيْهِ فَأمر بِذبح كل غُلَام يُولد فَلم تظهر أم إِبْرَاهِيم حملهَا فَلَمَّا أحست بالطلق ذهبت إِلَى كَهْف جبل فَوَضَعته فِيهِ وسدت بَابه بِحجر فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَوضع إصبعه فِي فَمه وَكَانَت تَأتيه وتتعهده أمه أَحْيَانًا قيل ولد فِي بَرزَة بغوطة دمشق وَالصَّحِيح بكوثة بإقليم بابل من الْعرَاق وَبَقِي إِلَى أَن عرف لَهُ رَبًّا فَسَأَلَ أمه من رَبِّي قَالَت أَنا قَالَ وَمن رَبك قَالَت أَبوك قَالَ وَمن ربه قَالَت ملك الْبَلَد فَعرف أَنَّهَا جاهلة بِاللَّه تَعَالَى فَنظر فِي بَاب ذَلِك الْغَار ليرى شَيْء يسْتَدلّ بِهِ على وجود الرب تَعَالَى فَرَأى نجما قيل المُشْتَرِي وَقيل الزهرة فَقَالَ {هَذَا رَبِّي} الْآيَة ثمَّ قيل كَانَ هَذَا قبل الْبلُوغ وَقيل بعده وَبَالغ الْمُحَقِّقُونَ فِي رد هَذَا القَوْل وبطلانه وَقَالُوا لَا يجوز أَن يَأْتِي على نَبِي زمن إِلَّا وَهُوَ على غَايَة من الْمعرفَة بِاللَّه والتبري مِمَّا سواهُ وَكَيف يتَوَهَّم هَذَا على من عصمه الله وطهره وَأخْبر عَنهُ أَنه آتَاهُ رشده من قبل وَأَنه جَاءَ ربه بقلب سليم وَأَنه أرَاهُ ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض وليكون من الموقنين يَقُول هَذَا رَبِّي على حَقِيقَته لَا يُمكن ذَلِك أبدا وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَن القَوْل بربوبية الجماد كفر إِجْمَاعًا وَهُوَ لَا يجوز على نَبِي إِجْمَاعًا وَبِأَنَّهُ عرف ربه قبل هَذِه الْقَضِيَّة حَيْثُ قَالَ لِأَبِيهِ آزر {أتتخذ أصناما آلِهَة إِنِّي أَرَاك وقومك فِي ضلال مُبين} وَدعَاهُ إِلَى التَّوْحِيد وَأطَال مَعَه الْكَلَام فِي تسفيه مَا هُوَ فِيهِ كَمَا ذكر فِي سُورَة مَرْيَم وَمِمَّا يدل على تقدم ذَلِك على مَا هُنَا أَن مَا هُنَا فِي التَّغْلِيظ فِي الْحجَّاج لسَائِر قومه وَمن الْمَعْلُوم تقدم الترفق على التعنيف فِي الدعْوَة إِلَى الله وابتدائه بالأهل ثمَّ بالأجانب وَإِذا ثَبت لإِبْرَاهِيم هَذَا الْكَمَال الباهر فِي التَّوْحِيد فَكيف يسوغ لعاقل فضلا عَن فَاضل أَن يتَوَهَّم فِي إِبْرَاهِيم أَنه اعْتقد ألوهية كَوْكَب معَاذ الله وحاشاه الله وَكَيف وَدَلَائِل الْحُدُوث فِي الأفلاك ظَاهِرَة لَا تخفى على أقل الْعُقَلَاء فَكيف بأكملهم وَقَوله {يَا قوم إِنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون} وَقَوله {وحاجه قومه قَالَ أتحاجوني فِي الله وَقد هدان} أدل دَلِيل على بطلَان مَا مر أَنه قَالَ ذَلِك فِي الْغَار وعَلى أَنه أَنما قَالَ ذَلِك إرشادا لَهُم إِلَى الْإِيمَان وإبطالا لما كَانُوا عَلَيْهِ من عبَادَة غير الله تَعَالَى وَمن ثمَّ قَالَ {وَكَيف أَخَاف مَا أشركتم وَلَا تخافون أَنكُمْ أشركتم بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ عَلَيْكُم سُلْطَانا} قيل وَلَو كَانَ مَقْصُوده تَحْصِيل الْمعرفَة لنَفسِهِ لاستدل بغروب الشَّمْس فِي الْيَوْم السَّابِق لتِلْك اللَّيْلَة على أَنَّهَا لَا تصلح للألوهية وَإِذا بطلت صلاحيتها لذَلِك فغيرها أولى وَلَا يَتَأَتَّى مثل ذَلِك فِيمَا إِذا قُلْنَا أَن مَقْصُوده إلزاما لقوم وإلجاؤهم إِلَى

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست