responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 179
المطالب وَهَذَا من أَسبَاب إعجازه الَّتِي لم يصل إِلَى أدنى مراتبها غَيره وَقد لحظ الشَّاعِر فِي الْبَيْت الَّذِي ذكره الْعِزّ نَحْو مَا قَرّرته لِأَنَّهُ لَو ذكره بِمُجَرَّد التلاقي لم يتَنَبَّه لهول ذَلِك الْيَوْم وَلَا استحضر جَمِيع مَا فِيهِ فَلم يحصل الْمَقْصُود من تخويفه وتقريعه وَأما إِذا ذكره بذلك الْيَوْم الْمَشْهُور الَّذِي صَار يضْرب بِهِ الْمثل فِي هزيمته وجبنه وعجزه عَن شقّ غباره فِيهِ وَبِنَحْوِ ذَلِك مِمَّا وَقع فِيهِ فقد حصل الْمَقْصُود من تخويفه وتقريعه وزجره وترويعه والتسجيل عَلَيْهِ بِأَن من وَقع لَهُ مثل ذَلِك الْيَوْم لَا يَنْبَغِي أَن يعود إِلَى طعان بل وَلَا إِلَى حمل سِنَان فاتضح أَن مَا فِي الْبَيْت من منوال مَا فِي الْآيَة وَإِن النُّكْتَة فِي ذَلِك أشهر من نَار على علم وَهَذَا الْجَواب لم أر من نبه على شَيْء مِنْهُ رَحمَه الله تَعَالَى اه (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ فِي أَمَالِيهِ أَيْضا بقوله تَعَالَى {أَو لم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} وَالله تَعَالَى عَالم بإيمانه فَمَا الْحِكْمَة فِي ذَلِك وَمَا فَائِدَة الِاسْتِفْهَام وَالْجَوَاب عَنهُ (فَأجَاب) طمن الله قلبه بِالْإِيمَان ووالى عَلَيْهِ مزِيد الْعَفو والغفران وَأَسْكَنَهُ أَعلَى فراديس الْجنان آمين بقوله الْجَواب عَن ذَلِك مَذْكُور فِي كتب التَّفْسِير وَحَاصِله مَعَ الزِّيَادَة عَلَيْهِ أَن الله تفضل على أنبيائه وَرُسُله بِمَا لم يتفضل على غَيرهم وَمِنْه حماية ساحتهم المطهرة أَن تدنس بريبة أَو ترمى برذيلة حاشاهم الله من ذَلِك وَإِذا كَانَ هَذِه عَادَة الله مَعَهم فإبراهيم أكملهم بعد نَبينَا - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِم فَلهُ من تِلْكَ الحماية الْحَظ الأوفى وَحِينَئِذٍ فإبراهيم سَأَلَ ربه بغاية من الْأَدَب وَنِهَايَة من الخضوع أَن يرِيه كَيْفيَّة إحيائه الْمَوْتَى فَإِذا سمع هَذَا من لم يبلغ حَقِيقَة الْعلم بأحوال الْأَنْبِيَاء دَاخله شكّ فِي هَذَا السُّؤَال وتوهم مِنْهُ غير المُرَاد مِمَّا لَا يَلِيق بمقام الْخَلِيل بل رُبمَا أَدَّاهُ إِلَى الْكفْر فَأَرَادَ الله تَعَالَى أَن ينزه مرتبَة خَلِيله وَأَن يحفظ غَيره من الْهَلَاك بِسَبَبِهِ فَسَأَلَهُ وَهُوَ أعلم بِمَا انطوى عَلَيْهِ ضَمِيره من الْبلُوغ إِلَى غايات الْإِيمَان والوصول إِلَى نهايات الإيقان فَقَالَ لَهُ بأداة التَّقْرِير الدَّال على كَمَال نزاهته {أَو لم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} بانضمام عين الْيَقِين إِلَى علم الْيَقِين بِأَنَّهُ فان أَن إِيمَان إِبْرَاهِيم على أكمل وُجُوه الْإِيمَان وَأَنه لم يخالطه أدنى وهم وَأَنه لَيْسَ غَرَضه من سُؤَاله عَن ذَلِك إِلَّا ذَلِك العيان الَّذِي هُوَ أَعلَى مقامات الْعرْفَان وَلَا جلّ ذَلِك جَاءَ عَن جمَاعَة أَنه قَالَ بلَى يَا رب وَلَكِن لَيْسَ الْخَيْر كالعيان على أَنه من تَأمل سُؤال إِبْرَاهِيم فهم مِنْهُ مُرَاده وَهُوَ أَنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسْأَل عَن أصل الْإِحْيَاء وَإِنَّمَا سَأَلَ عَن كيفيته وَهَذَا صَرِيح فِي أَنه مُؤمن بِأَصْل الْإِحْيَاء ومتيقن لَهُ وَأَنه مِمَّن انطوى ضَمِيره على اعْتِقَاده فَإِن قلت إِذا دلّ سُؤَاله على ذَلِك فَلم قيل أَو لم تؤمن قلت هَذِه الدّلَالَة لَا يفهمها أَكثر النَّاس فَلَو وكل الْأَمر إِلَيْهَا لوقع أَكْثَرهم فِي الْمَحْذُور على أَن بعض الْمُفَسّرين مِمَّن لَا يعول عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك كُله تكلم هُنَا بِكَلِمَات لَا تسْتَحقّ أَن تذكر كَيفَ وألفاظ الْآيَة كَمَا تقرر لَا تدل على شَيْء يُنَافِي كَمَال الْإِيمَان فضلا عَن أَصله وإيضاحه أَنه إِنَّمَا سَأَلَ أَن يرِيه عيَانًا كَيْفيَّة إحْيَاء الْمَوْتَى لِأَنَّهُ لما علم ذَلِك بِقَلْبِه وتيقنه وَاسْتدلَّ بِهِ على نمروذ فِي قَوْله {رَبِّي الَّذِي يحي وَيُمِيت} طلب مِمَّن رباه فِي الكمالات العلمية والمواهب الأحدية أَن يرِيه كَيْفيَّة ذَلِك لما فِي معاينته من رُؤْيَة اجْتِمَاع الْأَجْزَاء المتلاشية والأعضاء المتبددة والصور المضمحلة واستعظام باهر قدرته تَعَالَى فَإِن قلت كَيفَ هَذَا مَعَ قَوْله - صلى الله عليه وسلم - فِي الحَدِيث الصَّحِيح نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم قلت هَذَا فِيهِ أَيْضا غَايَة النزاهة لإِبْرَاهِيم - صلى الله عليه وسلم - بِنَفْي وُقُوع شكّ مِنْهُ على أبلغ وَجه وأوضحه أَي لَو شكّ إِبْرَاهِيم كَمَا يتوهمه من سُؤَاله هَذَا من لَا علم لَهُ لَكنا أَحَق بِالشَّكِّ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْخَلِيل وَالْإِمَام الْجَلِيل وَلم لَا وَقد أَمر - صلى الله عليه وسلم - بِاتِّبَاع سنته وتعظيم مرتبته وَقد علم - صلى الله عليه وسلم - أَنه أفضل من إِبْرَاهِيم بِنَصّ قَوْله إِنَّا سيد ولد آدم وَلَا فَخر وَمَعَ ذَلِك تواضع وَنفى الشَّك عَن إِبْرَاهِيم بِأَنَّهُ لَو ثَبت لَهُ لثبت لَهُ وَهَذَا غَايَة فِي الشَّهَادَة بِبَرَاءَة إِبْرَاهِيم ونزاهته فَإِن قلت سُؤال إِبْرَاهِيم وَجَوَابه قبل نزُول الْقُرْآن فَلَا توهم فِي ذَلِك الزَّمن حَتَّى ينفى قلت هُوَ تَعَالَى علم بِأَن الْقُرْآن سينزل على هَذَا النمط فَلَو حذف هَذَا السُّؤَال لوقع من أحد من هَذِه الْأمة توهم مَا فصانهم الله تَعَالَى عَن ذَلِك من أَصله جَريا على سَابق رأفته وَرَحمته بهم وَأَيْضًا فالتوراة وَالْإِنْجِيل مشتملان على حِكَايَة أَحْوَال إِبْرَاهِيم صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وَسلم فَلَو حكى سُؤَاله لَهُم لتوهموا مِنْهُ خلاف المُرَاد فَكَانَ السُّؤَال وَالْجَوَاب صونا لما عساه أَن يَقع (وَسُئِلَ) الله بِعُلُومِهِ عَمَّا سَأَلَ الْعِزّ بن عبد السَّلَام

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست