وَإِذَا وَجَبَ الْقَوَدُ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِاسْتِيفَائِهِ إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَإِنْ كَانَ فِي طَرَفٍ لَمْ يُمَكِّنْهُ السُّلْطَانُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ حَتَّى يَتَوَلَّاهُ غَيْرُهُ. وأجرة إلي يتولاه في مال المقتص منه. ذكره أبو بكر. فَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي نَفْسٍ جَازَ أَنْ يأذن له السلطان في استيفائه بنفسه، إن كان ثابت النفس عند استيفائه، وإلا استوفاه السلطان بأوحى سيف وأمضاه. فإذا انفرد وَلِيُّ الْقَوَدِ بِاسْتِيفَائِهِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ، ولم يتعد، عزره السلطان، لاقتنائهئن وقد صار إلى حقه بالقود، فلا شيء عليه. وما التعزير فهو تأديب على ذنوب لم تشرح فيها الحدود. ويختلف حكمه باختلاف حاله وأحواله فاعله. فيوافق الحدود من وجه، وهو أنه تأديب استصلاح وزجر، ويختلف بحسب اختلاف الذنب، ويخالف الحدود من وجهين. أحدهما: أن تأديب ذي الهيئة مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَةِ أَخَفُّ مِنْ تَأْدِيبِ أَهْلِ البذاء وَالسَّفَاهَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم". فَإِنْ تُسَاوَوْا فِي الْحُدُودِ الْمُقَدَّرَةِ، فَيَكُونُ تَعْزِيرُ مَنْ جَلَّ قَدْرُهُ، بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ. وَتَعْزِيرُ مَنْ دونه: بزاجر الكلام، وغاية الاستخفاف الذي لا قذف فيه ولا سب، ثم يعد بمن دون ذلك إلى الحبس، الذي ينزلون فيه على حسب رتبهم، وَبِحَسَبِ هَفَوَاتِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ يَوْمًا، وَمِنْهُمْ من يحبس أكثر منه إلى غير غاية مقدرة، ثُمَّ يُعْدَلُ بِمَنْ دُونَ ذَلِكَ إلَى النَّفْيِ والإبعاد، إذا تعدت ذنوبه إلى اجتلاب غيره إليها، واستضراره بها.
وقد قال أحمد رحمه الله، ورضي عنه: في المخنث في رواية المروزي " حكمه أن ينفي" وقال في رواية إسحاق - وقد سئل عن التعزير في الخمر- قال: " لا، إلا في الزنا والمخنث". وعامة نفيه مقدر بما دون الحول، ولو بيوم، لئلا يصير مساويا لتغريب الحول في الزنا.