الوجه الثاني: أن اللقطة تدخل في مكله بالتعريف لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "فإن جاء صاحبها، وإلا فهي لك" [1]؛ ولأنها كسب مال بفعل فلم يعتبر فيها اختيار التملك كالصيد.
وحكى فيه وجه آخر، وهو أنه تكفي نية التملك الحاضرة بعد التعريف وعند التملك، فلا تكفي النية عند الأخذ قطعا.
وقيل: إن اللقطة تملك بمضي السنة بعد التعريف، ويكتفي بقصده عند الأخذ التملك، وهذا الوجه لا يتأتى في صورة ما إذا التقط للحفظ دائما، وقلنا بوجوب التعريف عليه، وعرف سنة ثم بدا له التملك، وهذا ما صرح به الإمام الغزالي في البسيط، فإن لم يجب التعريف عليه فعرف ثم بدا له أن يتملك وقصده، فلا يعتد بهذا التعريف بل يلزمه فيهما استئناف سنة أخرى.
ومن هذا يعلم أن التعريف قد يمتد إلى سنتين، والذي يترجح في نظري عدم وجوب التعريف سنة أخرى، بل يتملك من أراد بعد التعريف الأول.
حكم دفع اللقطة لمن يدعيها: إذا جاء من يدعي اللقطة، فلا يخلو الأمر من ثلاثة أحوال: أن يدعيها بلا وصف ولا بينة، أو يكون بوصف أو يكون ببينة، وفيما يلي حكم كل حالة من هذه الأحوال الثلاثة. [1] رواه أحمد وأبو داود، والنسائي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده "التلخيص الحبير ج3 ص76".