نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 110
القرآن والسنن، ورفض التقليد والقياس، وهم الذين خالفوا من مضى في كل ذلك. فلو اتبعوا طريقة من مضى ليلموا في دينهم، وأما طريق من بعد الصحابة والتابعين من أهل التقليد والقياس، فيعيذنا الله من اتبع طريقتهم وسلوك منهجهم، ونسأل الله العافية من الخزي في ميزانهم، وله الحمد كثيراً [192/أ] على عصمته من ذلك من جميع البدع المضلة حمداً كما هو أهله.
30 - ثم قالوا: " وإنك رتبت في كتبك خلاف ما رتبه الماضون المتفقون في الأحكام والشرائع في حكم ترتيب الصلوات وإرفاعها وحكم النية والوضوء، فقلت: إنه [إن] توضأ لصلاة بعينها لم يجز له أن يصلي بذلك الوضوء صلاة غيرها ".
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - ان هؤلاء القوم لا يستحيون من الكذب، ومن هذه صفته فقد كان الإضراب عن مجاوبته أولى، ولكن عدم العقل ممن هذه صفته يوهمه بجهله، إن أعرض عن مجاوبته، ان ذلك عجز عن البيان وإجلال لهم ومهابة منهم، فرأينا في واجب النصيحة لله تعالى وللرسول صلى الله عليه وسلم وللقرآن وللمسلمين عامة، مجاوبتهم، مبينين لجهلهم وكذبهم، ومزيلين لهذا الظن السوء عن أنفسهم، وتعريفاً لهم بمقاديرهم، كي يرتدعوا بذلك عن مثل هذا الهوس البارد وشبهه.
فأما قولهم: إننا نقول: من توضأ لصلاة بعينها لم يجز له أن يصلي بذلك الوضوء صلاة غير تلك الصلاة، فهذا قول ما قلناه قط، ولا نجده لنا ولله الحمد كثيراً في رواية أحد من ثقات أصحابنا عنا، وكيف وقولنا المشهور والذي لم نختلف فيه قط أن من تيمم لصلاة فرض أو نافلة، فإن له أن يصلي بذلك التيمم أبداً ما لم ينتقض وضوؤه بحدث من الأحداث، كالوضوء ولا فرق، أو ما لم يجد ماء، لكن لو سألوا أنفسهم في قولهم: إن من تيمم لفرض صلى به بعد الفريضة ما شاء من النوافل، وإن تيمم لنافلة لم يصل به بعدها فرضاً، لكان أولى بهم، فغن هذا لا يعقل وجهه ولا يدرى من أين وجب، ولعل الناسين رأوا لنا مسألة أخرى لم يفهموها ولا أحسنوا تأديتها من أين: إنا نقول من توضأ لصلاة بعينها ونوى أنه لا يرفع الحدث بوضوئه إلا لتلك الصلاة فقط لا لغيرها، فإنه لم يتوضأ [192 ب] كما أمر، ولا يصلي بذلك الوضوء لا تلك الصلاة ولا غيرها، إذ لم يأت بالوضوء الذي أمر الله تعالى به، فهو غير متطهر.
نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 110