نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 109
والله تعالى يقول: {وافعلوا الخير} (سورة الحج: 77) . لكن لو أنكروا على أنفسهم البدعة المحضة والضلال الذي في أيديهم بالخطبة قبل الصلاة في العيدين ائتساء بمروان إذ يقول، وقد ذكر له أبو سعيد الخدري السنة في ذلك فقال له مروان: ذهب ما هنالك يا أبا سعيد. وتمادوا على ذلك بعد زوال أمر بني مروان اتباعاً للبدعة وثباتاً على الضلالة. فهذا كان ينبغي لهم أن ينكروا لا [تنفل] من تنفل بما لم ينه عنه. ونسألهم هل صح قط عن النبي صلى الله عليه وسلم، هل صام [أكثر من نصف] الدهر، أو صلى أكثر من ثلاث عشرة [1] ركعة من الليل، أو أباح أكثر من قيام ثلث الليل فلابد لهم من الإقرار بأنه لم يأت قط عنه عليه السلام إلا ذلك؛ فمن أين استجازوا أن يستبيحوا خلاف أمره وفعله، فيبيحوا صوم أكثر من نصف الدهر، وقيام اكثر من ثلث الليل، وصلاة أكثر من ثلاث عشرة ركعة، ولم يفعله قط صلى الله عليه وسلم فإن قالوا: قد جاز لك عن بعض الصحابة. قيل لهم: وقد [191 ب] صح تحريم ذلك عن بعضهم أيضاً، فلم أجزتم الفعل المخالف للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمره ولفعله وأنكرتم علينا فعلاً جماعة من الصحابة، ولم يصح النهي عن أحد منهم، ولا نهى عنه قط رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل هذا إلا أحموقة منهم وجهل وغباوة
وأما قولهم: إننا خالفناهم لولوعنا بالاحتجاج، فقد أريناهم كذبهم، وأننا لم نخالفهم، ولكن أولعنا بالاحتجاج بالقرآن والسنن، فانه لأفضل من ولوعهم باتباع التقليد وخلاف القرآن والسنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإجماع الصحابة والتابعين.
أما قولهم: " ليرفع الناس رءوسهم إلينا "، فكذب واضح، وما أردنا قط الترؤس على أمثالهم، ولو أردنا ذلك لسلكنا سبيلهم في التقليد، ولو فعلنا ذلك لما شقوا غبارنا في الرياسة في الدنيا، هذا ما لا يقدرون على إنكاره، فما منهم أحد يدعي انه يدانينا - ولله الحمد - في حفظ ما طلبوه، ليأكلوا به الخبز الخبيث لا الطيب، من الآراء، لو ملنا إليها أول ميلة، ولكن معاذ الله من ذلك، فما هذه الرياسة عندنا إلا نهاية الخساسة، وأما الذي نطلب الرياسة عنده، فهو الملي بقبول رغبتنا في ذلك لا إله إلا هو.
وأما قولهم: " لو سلكت طريقة من مضى لكان أجمل لك " فنعم ولله الحمد، نحن السالكون طريقة من مضى من الصحابة والتابعين الذين هم الناس حقاً في اتباع [1] ص: ثلثة عشر.
نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 109