فنقول إن هذا القول هو رفضٌ للمسح على العِمامة من أساسه، لأن قولهم إن المسح على العِمامة ليس بمسحٍ على الرأس، واضح فيه الرفض، إضافة إلى أن وجوب مسح جزء من الرأس مع مسح العِمامة هو رفضٌ آخر له، لأنهم يجيزون مسح الجزء من الرأس على إطلاقه، وهذا الرفض منهم مناهضٌ للنصوص الواضحة الصريحة، وهو إِعمالٌ للعقل فيما قال فيه الشرع قوله. فالمسح على العِمامة جائز ومشروعٌ في الوضوء، فإن كانت العِمامة تغطي جميع الرأس اكتُفي بمسحها وحدَها، وإن كانت تغطي جزءاً وتكشف جزءاً مُسح عليها وعلى الجزء المكشوف، ولا يُجْزيء مسح الجزء المكشوف فقط. قال ابن القيم (إنه لم يصح عنه - صلى الله عليه وسلم - في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته أكمل على العِمامة) .
أما كيفية المسح على العِمامة فإن ما قلناه عن مسح شَعَر الرأس نقوله عن مسح العِمامة تماماً، فالواجب إمرار اليدين على سائر العِمامة دون أن يصل البللُ بالضرورة إلى كل جزء منها، لأن المسح من شأنه عدمُ الاستيعاب كما ذكرنا من قبل، وما قلناه ينطبق على النساء كما ينطبق على الرجال سواء بسواء، فالرجل يمسح على ما يعتاده من غطاء الرأس، والمرأة تمسح على ما تعتاده من غطاء رأسها.
أما هل يُمسح على العِمامة إذا لُبست على طهارة فحسب، أم يمسح عليها إطلاقاً؟ وهل للمسح على العِمامة توقيت؟ فالجواب أنه لم يرد نصٌّ من القرآن أو الحديث أو إجماعُ صحابةٍ على أيٍّ من الأمرين، فالمسلم فيهما في سعة من الأمر، وأنا لا أقول بقول ابن قُدامة وأبي ثور من اشتراط الطهارة قبل لبس العِمامة إذا أريد المسح عليها قياساً على الخفين، لأنه لا يصح هنا القياس، فالعبادات غير معلَّلة، ولا يصح فيها القياس إلا إذا جاءت معلَّلة، وهنا لم يجيء المسح معلَّلاً.