يتناول هذا البحث ما يُعصب على الجرح من لفائف القطن وأنواع القماش وغيره، وما يُلفُّ به العضو المكسور من قماش وخشب وغير ذلك، وهو المسمى بالجبيرة وجمعها جبائر.
إنَّ الواجب في اللفائف أن لا تزيد على موضع الجرح أو الكسر إذا أريد المسح عليها إلا ما تقتضيه الضرورة والعادة ويتطلبه الشدُّ والتثبيت، وهذه العصائب واللفائف إن كانت على عضو من أعضاء الوضوء مسح عليها كالمسح على الخف، وإن كانت على غير أعضاء الوضوء كأن كانت على الصدر أو الساق أو العضد فهي غير داخلة في هذا البحث. وهذه المسألة لم يرد فيها حديث صحيح سوى حديث جابر الوارد في الغسل وهو: عن جابر رضي الله عنه قال «خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجرٌ فشجَّه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصةً في التيمُّم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أُخبر بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله، أَلاَ سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العيِّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمَّم ويعصر أو يعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده» رواه أبو داود والبيهقي. وصحَّحه ابن السكن.
أما ما قال عليٌّ رضي الله عنه «انكسرت إحدى زنديَّ فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرني أن أمسح على الجبائر» رواه ابن ماجة. ففيه عمرو بن خالد كذَّبه أحمد وابن معين، وقال البخاري (منكر الحديث) . وحديث جابر وإن كان في الغُسل إلا أنه يصلح للاستدلال به على الوضوء، لأن الغُسل والوضوء شيء واحد فيما يتعلق بالجبيرة، والحديث يقول «يتيمَّم ويعصر أو يعصب على جُرحه خِرقة ثم يمسح عليها» فالجرح إذا غُطِّي بلفافة أو جبيرة مسح عليها بدل غسله، وينتقض وضوؤه بنزعها. والمسح على الجبيرة والعصابة يختلف عن المسح على الخف من ثلاث نواحٍ: