هذه الأحكام استخلصناها من النصوص الصالحة للاستدلال، وهو استخلاص بيِّن الصحَّة، ولا ينبغي العدول عنه والقول بسواه. والمسح على العِمامة كان معلوماً لدى صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى ابن أبي شيبة «أن أبا بكر وأبا موسى وأبا أمامة وأم سلمة قد مسحوا على العِمامة والخِمار، وأن عمر وسلمان قد أمرا بالمسح» . وقال الترمذي (وهو قول غير واحدٍ من أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو بكر وعمر وأنس) ورواه ابن حجر في فتح الباري عن الطبري وابن خُزَيمة وابن المنذر، وهو رأي أحمد والأوزاعي ومالك وإسحق وأبي ثور وداود بن علي وابن حزم. وتوقف الشافعي في هذه المسألة وقال: إن صح الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبه أقول. وقد صح الخبر، فوجب ضم الشافعي إلى أصحاب هذا الرأي، أو على الأقل إخراجه من الفريق المعارض.
وقد اختلف الأئمة في مشروعية الاقتصار على مسح العِمامة، فذهب سفيان الثوري ومالك وابن المبارك والشافعي وأبو حنيفة إلى عدم جواز الاقتصار على مسح العِمامة، وأنه لا بدَّ مع مسحها من مسح جزء من الرأس، واحتجُّوا بأن الله سبحانه فرض المسح على الرأس، والحديث في العِمامة محتمل التأويل، فلا يترك المتيقن للمحتمل، والمسح على العِمامة ليس بمسح على الرأس.