ونقول إن الأول والثالث والرابع والخامس من الأحاديث ورد فيها لفظ العِمامة، والثاني والخامس ورد فيهما لفظ الخِمار، ليدلَّ ذلك على أن حكم المسح لا يتعلق بالعمائم فقط، بل بكل ما يُلبس على الرأس، وجاءت لفظة الخِمار تعمُّ كل غطاءٍ للرأس، فيدخل في ذلك القَلَنْسُوَةُ والطَّاقيةُ والطربوش وغيرها مما يُلبس على الرأس، والحديث الأول جاء بالمسح على العِمامة وعلى الناصية معاً، والحديث الخامس جاء بالمسح على العِمامة وعلى الخِمار. ومن هذين الحديثين يؤخذ حكمان: الأول أنه لا يجب في ملبوس الرأس الذي يُمسح عليه أن يغطي كامل الرأس ويواري جميع الشعر بدليل ورود المسح على الناصية لأنها كانت ظاهرة غير مغطاة، والثاني أن المسح على العمامة لا يكفي بل لا بد من المسح على بقية الرأس مما لم تغطِّه العِمامة. وأخيراً يُفهم من هذه النصوص حكم جواز المسح على العمائم في الوضوء وكل نص من هذه النصوص يفيد هذا الحكم. وقد مرَّ في بند مسح الرأس في الوضوء أن المسح المُجْزيءَ للرأس ينبغي أن يكون لجميع الرأس، واستدللنا من ضمن ما استدللنا به بالحديث الذي يقول بالمسح على الناصية وعلى العِمامة معاً، فلو كان مسح بعض الرأس يُجْزيء لمسح الرسول عليه الصلاة والسلام على الناصية فحسب ولما مسح على العِمامة، أو لَعَكَس فمسح على العِمامة دون الناصية فكونه مسح عليهما معاً فهو دليل على مشروعية مسح الرأس كله، سواء كان مكشوفاً أو مغطَّى، أو مكشوف الجزء ومغطَّى الجزء الآخر، إذ لا بد من أن يُمِرَّ يديه على رأسه كله دون اعتبارٍ للغطاء أو عدمه.