أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} ولم يقل: قد أجيب تأمينكما. فمن قال: الدعاء تأمين. فمغفل، لا رؤية له. على أن قوله عزوجل: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} إنما قيل لأن الدعوة كانت لهما، وكان نفعها عائدا عليهما بالانتقام من أعدائهما. فلذلك قيل: {أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} ولم يقل: دعوتاكما. ولو كان التأمين دعاء، لقال: قد أجيبت دعوتاكما. وجائز أن يسمى المؤمّن داعياً، لأن المعنى في آمين: اللهم استجب لنا. على ما قدمنا ذكره. وهذا دعاء وغير جائز أن يسمى الدعاء تأمينا. والله أعلم “ [1].
1. أما قولهم: إن التأمين جواب للدعاء، فيختص به المأموم, أو قولهم: إن القسمة تقتضي أن الإمام لا يقولها. فالجواب عليه: إن سُلِّم هذا التعليل، فإنه لا تُعارض به النصوص الصحيحة الصريحة في تأمين النبي صلى الله عليه وسلم، وإخباره بأن الإمام يؤمِّن[2]. وهو خبر بمعنى الأمر، لما فيه من الحث والترغيب[3]. والله أعلم.
2. أما قولهم: إن معنى “ إذا أمّن الإمام “ أي: إذا بلغ موضع التأمين، أو أراد التأمين. فالجواب عليه، كما قال ابن العربي: هذا بعيد لغة وشرعاً. وقال ابن دقيق العيد: “ هذا مجاز. فإن وُجِد دليل يُرجحه على ظاهر الحديث..، عُمِل به، وإلا فالأصل عدم المجاز “ [4]. [1] التمهيد 7/12. [2] قال المرغيناني في الهداية 1/48: (ولا متمسك لمالك ـ رحمه الله تعالى ـ في قوله عليه الصلاة والسلام: “ إذا قال الإمام: {وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين “ من حيث القسمة، لأنه قال في آخره: “ فإن الإمام يقولها “. [3] وقد أجيب عنه: بأن التأمين قائم مقام التلخيص بعد البسط، فالداعي فصّل المقاصد بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخره. والمؤمّن أتى بكلمة تشمل الجميع. فإن قالها الإمام، فكأنه دعا مرتين: مفصلا، ثم مجملا. انظر: فتح الباري 2/263. [4] إحكام الإحكام 1/207. وانظر: شرح الزرقاني 1/260.