آخر فلم ير بإعادتها بأساً. قوله: "وجوزهما محمد" أي: جوز الذهب والفضة أي جوز الشد بهما، وأما أبو يوسف فقيل معه، وقيل مع الإمام قوله "لأن الفضة تنتنه" ... وأشار إلى الفرق للإمام بين شدّ السن واتخاذ الأنف، فجوز الأنف من الذهب لضرورة نتن الفضة، لأن المحرم لا يباح إلا لضرورة، وقد اندفعت في السن بالفضة فلا حاجة إلى الأعلى وهو الذهب، قال الإتقاني[1]: ولقائل أن يقول مساعدة لمحمد: لا نسلم أنها في السن ترتفع بالفضة لأنها تنتن أيضاً"[2].
فمذهب الحنفية: عدم شد السن المتحركة بذهب، وإنما يمكن شدها بالفضة، وخالف في هذا محمد بن الحسن، وجوز شدها بالذهب والفضة على السواء، فشد السن بالفضة لا خلاف فيه، وإنما الخلاف فقط في شدها بالذهب وقد كره أبو حنيفة شدها بفضة أو بذهب.
وجوز ذلك محمد بن الحسن، واختلف النقل عن أبي يوسف، فقيل إنه مع الإمام، وقيل إنه موافق لصاحبه محمد بن الحسن ووجهة نظر الإمام أن الحاجة تندفع بالشد بالفضة وأنه لا ضرورة في شدها بالذهب، في حين أن محمد بن الحسن وجه كلامه بأن الفضة تنتنه، وفرق الإمام بين الشد واتخاذ الأنف حيث اعتبر الضرورة في الأنف، وقال بجواز اتخاذ الذهب في الأنف باعتبار أن الفضة تنتنه.
مذهب المالكية: القول بأنه لا مانع من اتخاذ الأنف من ذهب عند جدعها، وذلك لضرورة أنها تنتن لو اتخذت من فضة، وأنه من باب التداوي، وأنه بالنسبة لشد السن المتحرك بالذهب فقد ورد بشأنه الخلاف، فقال ابن عرفة إنه لا مانع من ذلك، وإنه يستوي في هذا الذهب والفضة، وأن هذا ما عليه الأكثر من المالكية. [1] هو أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي، قوام الدين أبو حنيفة الإتقاني الفارابي ولد بإتقان سنة 685? وإتقان قصبة فاراب، وفاراب ولاية وراء نهر سيحون، كان رأساً في الحنيفة بارعاً في الفقه واللغة العربية وغير ذلك من العلوم، من تصانيفة "غاية البيان ونادرة الزمان في آخر الأوان" توفي بالقاهرة سنة 758?. راجع: معجم المؤلفين 3/4. [2] ابن عابدين 9/597 - 598.