مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} [1].
أن امرأة جاءت إلي النبي صلى الله عليه وسلم وقالت له: "إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به؟ فقال: "تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي" [2].
فالسنة المطهرة أوضحت أن الدماء كلها نجسة من آدمي أو حيوان، وذلك بدليل الأمر بالغسل والمبالغة في إزالته، وهذا دليل على نجاسته، وذلك مفهوم من الحديث السابق، ولهذا كانت الدماء المسفوحة كلها نجسة، وذلك بإجماع الفقهاء لثبوت نجاسة الدم بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة، وحيث ثبت نجاسته، فإن حكمه من حيث التناول والانتفاع يكون هو الآخر محرماً، ثم يترتب على هذا كله عدم إمكان اعتباره محلاً للبيع وغيره من جميع التصرفات الأخرى على نحو ما سيرد إن شاء الله.
وقال ابن العربي: "اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس، لا يؤكل ولا ينتفع به، وقد عينه الله تعالى ها هنا مطلقاً[3] وعينه في سورة الأنعام مقيداً بالمسفوح، وحمل العلماء ها هنا[4] المطلق على المقيد إجماعاً"[5].
وقال أيضاً: "الصحيح أن الدم إذا كان مفرداً حرم منه كل شيء وإنما حرم الدم بالقصد إليه" [6].
وفي هذا يقول العلامة الشوكاني: "وقد اتفق العلماء على أن الدم حرام".
وفي الآية الأخرى: {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} [7]. فيحمل المطلق على المقيد[8]. [1] سورة الأنعام: الآية 145. [2] الحديث متفق عليه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، أخرجه البخاري كتاب الوضوء باب غسل الدم برقم 225، ومسلم كتاب الطهارة باب نجاسة الدم وكيفية غسله برقم 291. [3] أي في سورة البقرة وسورة المائدة. [4] في السورتين السابقتين على المقيد الوارد في سورة الأنعام. [5] أحكام القرآن 1/79. [6] المرجع السابق 2/291. [7] سورة الأنعام: الآية 145. [8] فتح القدير 1/169.