وقال الشوكاني - أيضاً "وما هنا من تحريم مطلق الدم مقيد بكونه مسفوحاً كما تقدم حملاً للمطلق على المقيد" [1].
وقال الرازي الجصاص[2]: قال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [3] وقال: {حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} [4] فلو لم يرد في تحريمه غير هاتين الآيتين لاقتضى ذلك تحريم سائر الدماء قليلها وكثيرها فلما قال في آية أخرى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} [5].
دل ذلك على أن المحرم هو الدم المسفوح دون غيره. وأخبرنا معمر[6] عن قتادة [7] قوله: {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} قال: حرم من الدم ما كان مسفوحاً[8].
وهكذا جاء في تفسير الطبري: "وتقييد الدم المحرم بأنه المسفوح دليل على أن الدم غير المسفوح حلال غير نجس: قال عكرمة [9]: {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} لولا هذه [1] المرجع السابق نفس الموضع. [2] هو الإمام أحمد بن علي أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص. ولد عام 305?، تفقه على أبي الحسن الكرخي وتخرج به، من مصنفاته أحكام القرآن شرح مختصر الطحاوي وشرح الجامع الصغير والجامع الكبير لمحمد بن الحسن. توفي رحمه الله عام 370 ? ببغداد. راجع: الجواهر المضية في طبقات الحنفية لمحي الدين القرشي1/222-224، تاج التراجم لابن قطلوبغا 96-97. [3] سورة البقرة: الآية 173. [4] سورة المائدة: الآية 3. [5] سورة الأنعام: الآية 145. [6] هو معمر بن راشد الأزدي الحراني مولاهم أبو عروة البصري، سكن اليمن، ثقة كان فقيهاً حافظاً متقناً ورعاً، توفي سنة 152? وقيل 153?. راجع: تهذيب التهذيب لابن حجر 4/125-126. [7] هو قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، من أهل البصرة، ولد ضريراً أحد المفسرين والحفاظ للحديث، قال أحمد بن حنبل: قتادة أحفظ أهل البصرة، وكان مع علمه بالحديث رأساً في العربية ومفردات اللغة وأيام العرب والنسب، مات رحمه الله بواسط في الطاعون سنة 118 ?. راجع: الأعلام للزركلي 5/189، تقريب التهذيب لابن حجر صفحة 453. [8] أحكام القرآن للجصاص 1/150. [9] هو عكرمة بن عبد الله مولى عبد الله بن عباس، وقيل لم يزل عبداً حتى مات ابن عباس وأعتق بعده =