الإمام واجب ومخالفته حرام.
الأمر الثالث: أن قوله عليه الصلاة والسلام: "من أدرك الإمام على حالة فليصنع كما يصنع الإمام " يدل على لزوم الكون مع الإمام على الحالة التي أدركه عليها، وأنه يصنع مثل صنعه ومعلوم أنه لا يحصل الوفاء بذلك إلاَّ إذا ركع بركوعه واعتدل باعتداله فإذا أخذ يقرأ الفاتحة فقد
أدرك الإمام على حالة ولم يصنع كما صنع الإمام فخالف الأمر الذي يجب امتثاله وتحرم مخالفته فتبين بذلك ما في إيجاب قراءة الفاتحة على المؤتم المدرك لإمامه حال الركوع أو بعده من المفاسد التي حدثت بسبب وقوعه في مخالفة ثلاث سنن صحاح [1] .
والراجح في نظري - والله أعلم - هو القول الأول: أنّ الركعة تدرك بإدراك الركوع وذلك لأن أدلة هذا القول وإن كان بعضها لم يسلم من المناقشة إلاَّ أن عمل الصحابة عليه وحديث أبي بكرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يؤيده، وهو حديث صحيح، وفيه دليل على أنه كان مستقراً عند الصحابة أن الركعة تدرك بإدراك الركوع بدليل سعيه لإدراك الركوع؛ ولذلك لم ينقل عن أحد منهم خلاف ذلك إلاَّ عن أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - من طريق قال ابن عبد البر فيه نظر [2] ، وقد روى عنه ما يفيد الإدراك [3] فقد أخرج مالك في الموطأ بلاغاً أن أبا هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كان يقول: «من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة ومن فاته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير» [4] . [1] بتصرف يسير من جواب للشوكاني رَحِمَهُ اللهُ رجع فيه إلى قول الجمهور أن الركعة تدرك بإدراك الركوع، وكان قبل ذلك يرى عدم الإدراك. انظر: عون المعبود 3/157 - 160. [2] التمهيد 7/72 وما بعدها. [3] عون المعبود 3/154. [4] أخرجه مالك في الموطأ 1/11، والبيهقي في السنن الكبرى 2/90 قال الزرقاني في شرح الموطأ 1/28 وبلاغه ليس من الضعيف؛ لأنه تتبع له فوجد مسنداً من غير طريقه.