فليدخل معه فإذا ركع بعد تكبير المؤتم فقد ورد الأمر بمتابعته له بقوله: وإذا ركع فاركعوا، كما في حديث " إنَّما جعل الإمام ليؤتم به " [1] وهو حديث صحيح فلو توقف المؤتم عن الركوع بعد ركوع الإمام وأخذ يقرأ فاتحة الكتاب لكان مخالفاً لهذا الأمر، فقد تقرر أنه يدخل مع الإمام، وتقرر أنه يتابعه ويركع بركوعه، ثم ثبت بحديث: "من أدرك مع الإمام ركعة قبل أن يقيم صلبه فقد أدركها" أن هذا الداخل مع الإمام الذي لم يتمكن من قراءة الفاتحة قد أدرك الركعة بمجرد إدراكه له راكعاً، فيكون هذا مخصصاً لعموم إيجاب قراءة الفاتحة في كل ركعة، ولا وجه لما قيل أنه يقرأ بفاتحة الكتاب ويلحق الإمام راكعاً، وأن المراد الإدراك الكامل وهو لا يكون إلاَّ مع إدراك الفاتحة، فإن هذا يؤدي إلى إهمال حديث إدراك الإمام قبل أن يقيم صلبه، فإن ظاهره بل صريحه أن المؤتم إذا صل والإمام راكع وكبر وركع قبل أن يقيم الإمام صلبه فقد صار مدركاً لتلك الركعة وإن لم يقرأ حرفاً من حروف الفاتحة، فهذا الأمر الأول مِمَّا يقع فيه من عرضت له الشكوك؛ لأنه إذا وصل والإمام راكع أو في آخر القيام ثم أخذ يقرأ ويريد أن يلحق الإمام الذي قد صار راكعاً فقد حاول ما لا يُمكن الوفاء به في غالب الحالات ومن هنا يكون مهملاً لحديث إدراك الإمام قبل أن يقيم صلبه.
والأمر الثاني: أنه صار مخالفاً لأحاديث الإقتداء بالإمام وإيجاب الركوع بركوعه والاعتدال باعتداله وبيان ذلك أنه وصل حال ركوع الإمام أو بعد ركوعه ثم أخذ يقرأ الفاتحة من أولها إلى آخرها ومن كان هكذا فهو مخالف لإمامه لم يركع بركوعه وقد يفوته أن يعتدل باعتداله، وامتثال الأمر بمتابعة [1] أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب: إنَّما جعل الإمام ليؤتم به 1/169، ومسلم في كتاب الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام، حديث (411) 1/308.