responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 267
: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَلِأَنَّ الْمُكْرَهَ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ، بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَنَقْلِ فِعْلِهِ إلَيْهِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُكْرَهِ، كَمَا لَوْ رَمَى بِهِ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ زُفَرُ: يَجِبُ عَلَى الْمُبَاشِرِ دُونَ الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّبَبِ، كَالْحَافِرِ مَعَ الدَّافِعِ، وَالْآمِرِ مَعَ الْقَاتِلِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَفِي الْمُكْرَهِ قَوْلَانِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَمْ يُبَاشِرْ الْقَتْلَ، فَهُوَ كَحَافِرِ الْبِئْرِ، وَالْمُكْرَهَ مُلْجَأٌ، فَأَشْبَهَ الْمَرْمِيَّ بِهِ عَلَى إنْسَانٍ. وَلَنَا، عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ، أَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى قَتْلِهِ بِمَا يُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَلْسَعَهُ حَيَّةً، أَوْ أَلْقَاهُ عَلَى أَسَدٍ فِي زُبْيَةٍ. وَلَنَا، عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ، أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا ظُلْمًا لِاسْتِبْقَاءِ نَفْسِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ فِي الْمَخْمَصَةِ لِيَأْكُلَهُ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْمُكْرَهَ مُلْجَأٌ. غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِامْتِنَاعِ، وَلِذَلِكَ أَثِمَ بِقَتْلِهِ، وَحَرُمَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ عِنْد الْإِكْرَاهِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ فِي قَتْلِهِ نَجَاةَ نَفْسِهِ، وَخَلَاصَهُ مِنْ شَرِّ الْمُكْرِهِ، فَأَشْبَهَ الْقَاتِلَ فِي الْمَخْمَصَةِ لِيَأْكُلَهُ. وَإِنْ صَارَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ، وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: لَا دِيَةَ عَلَى الْمُكْرَهِ؛ بِنَاءً مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُ آلَةٌ. وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ، وَإِنَّمَا هُمَا شَرِيكَانِ، يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا، كَالشَّرِيكَيْنِ بِالْفِعْلِ، وَكَمَا يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الدَّالِّ عَلَى الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ وَالْمُبَاشِرِ، وَالرِّدْءِ وَالْمُبَاشِرِ فِي الْمُحَارَبَةِ. فَعَلَى هَذَا، إنْ أَحَبَّ الْوَلِيُّ قَتْلَ أَحَدِهِمَا، وَأَخْذَ نِصْفَ الدِّيَةِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ الْعَفْوَ عَنْهُ، فَلَهُ ذَلِكَ.

الضَّرْب الثَّانِي: إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، فَقُتِلَ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا، وَاعْتَرَفَا بِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ ظُلْمًا، وَكَذِبِهِمَا فِي شَهَادَتِهِمَا، فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ، فَلَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، كَحَفْرِ الْبِئْرِ. وَلَنَا، مَا رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ، فَقَطَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا، لَقَطَعْت أَيْدِيَكُمَا. وَغَرَّمَهُمَا دِيَةَ يَدِهِ. وَلِأَنَّهُمَا تَوَصَّلَا إلَى قَتْلِهِ بِسَبَبٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، كَالْمُكْرِهِ.

الضَّرْبُ الثَّالِثُ، الْحَاكِمُ إذَا حَكَمَ عَلَى رَجُلٍ بِالْقَتْلِ، عَالِمًا بِذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَقَتَلَهُ، وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست