responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 266
وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، جَمْعًا بَيْن الْخَبَرَيْنِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ قَتْلَهَا؛ لِكَوْنِهَا مَا قَصَدَتْ بِشْرَ بْنَ الْبَرَاءِ، إنَّمَا قَصَدَتْ قَتَلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَلَّ الْعَمْدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بِشْرٍ، وَفَارَقَ تَقْدِيمَ السِّكِّينِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَدَّمُ إلَى الْإِنْسَانِ لِيَقْتُلَ بِهَا نَفْسَهُ، إنَّمَا تُقَدَّمُ إلَيْهِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَضَرَّتِهَا وَنَفْعِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قُدِّمَ إلَيْهِ السُّمُّ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ.
فَأَمَّا إنْ خَلَطَ السُّمَّ بِطَعَامِ نَفْسِهِ وَتَرَكَهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَدَخَلَ إنْسَانٌ فَأَكَلَهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَإِنَّمَا الدَّاخِلُ قَتَلَ نَفْسَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَوَقَعَ فِيهَا، وَسَوَاءٌ قَصَدَ بِذَلِكَ قَتْلَ الْآكِلِ، مِثْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ظَالِمًا يُرِيدُ هُجُومَ دَارِهِ، فَتَرَكَ السُّمَّ فِي الطَّعَامِ لِيَقْتُلهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِيَقَعَ فِيهَا اللِّصُّ إذَا دَخَلَ لِيَسْرِقَ مِنْهَا، وَلَوْ دَخَلَ رَجُلٌ بِإِذْنِهِ، فَأَكَلَ الطَّعَامَ الْمَسْمُومَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ لِذَلِكَ. وَإِنْ خَلَطَهُ بِطَعَامِ رَجُلٍ، أَوْ قَدَّمَ إلَيْهِ طَعَامًا مَسْمُومًا، وَأَخْبَرَهُ بِسُمِّهِ فَأَكَلَهُ، لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَهُ عَالِمًا بِحَالِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِ سِكِّينًا، فَوَجَأَ بِهَا نَفْسَهُ. وَإِنْ سَقَى إنْسَانًا سُمًّا، أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِهِ، فَأَكَلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَكَانَ مِمَّا لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا، فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ. فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا أَوْ لَا؟ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ، عُمِلَ بِهَا. وَإِنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ: هُوَ يَقْتُلُ النِّضْوَ الضَّعِيفَ دُونَ الْقَوِيِّ. أَوْ غَيْرَ هَذَا، عُمِلَ عَلَى حَسْبِ ذَلِكَ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاقِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ، فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَلِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِصِفَةِ مَا سَقَى. وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَاتِلٌ، فَقَالَ: لَمْ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَاتِلٌ. فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ السُّمَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَرَحَهُ، وَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْهُ. وَالثَّانِي: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ. وَهَذِهِ شُبْهَةٌ يَسْقُطُ بِهَا الْقَوَدُ.

النَّوْعُ السَّادِسُ: أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِسِكِّينِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ كَانَ مِمَّا يَقْتُلُ وَلَا يَقْتُلُ، فَفِيهِ الدِّيَةُ دُونَ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدُ الْخَطَإِ، فَأَشْبَهَ ضَرْبَ الْعَصَا

النَّوْعُ السَّابِعُ: أَنْ يَتَسَبَّبَ إلَى قَتْلِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا، أَنْ يُكْرِهَ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ آخَرَ، فَيَقْتُلَهُ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ وَالْمُكْرَهِ جَمِيعًا، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ دُونَ الْمُبَاشِرِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست