responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 268
وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الشَّاهِدَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي بَاشَرَ قَتْلَهُ أَقَرَّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِ الشُّهُودِ، وَتَعَمَّدَ قَتْلَهُ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ. لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، فَإِنْ أَقَرَّ الشَّاهِدَانِ وَالْحَاكِمُ وَالْوَلِيُّ جَمِيعًا بِذَلِكَ، فَعَلَى الْوَلِيِّ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا وَعُدْوَانًا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَسَبِّبُونَ، وَالْمُبَاشَرَةُ تُبْطِلُ حُكْمَ السَّبَبِ، كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ. وَيُفَارِقُ هَذَا مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ فِي حَقِّهِ ظُلْمًا، فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَيَكُونُ الْقِصَاصُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَالْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُتَسَبِّبُونَ. وَإِنْ صَارَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ، فَهِيَ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْحَاكِمِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ تَسَبُّبَهُ أَخَصُّ مِنْ تَسَبُّبِهِمْ؛ فَإِنَّ حُكْمَهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ شَهَادَتِهِمْ وَقَتْلِهِ، فَأَشْبَهَ الْمُبَاشِرَ مَعَ الْمُتَسَبِّبِ.
وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ الْمُقِرُّ بِالتَّعَمُّدِ لَمْ يُبَاشِرْ الْقَتْلَ، وَإِنَّمَا وَكَّلَ فِيهِ، نَظَرْت فِي الْوَكِيلِ؛ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْعِلْمِ، وَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ ظُلْمًا، فَهُوَ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْقَتْلِ عَمْدًا ظُلْمًا مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ، فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ، كَمَا لَوْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِذَلِكَ، فَالْحُكْمُ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَلِيِّ، كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْقَتْلُ الْعَمْدُ فِيهِ الْقَوَدُ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأَوْلِيَاءُ]
(6583) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَفِيهِ الْقَوَدُ إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأَوْلِيَاءُ، وَكَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا مُسْلِمًا) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَوَدَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْعَمْدِ، وَلَا نَعْلَمُ بَيْنهمْ فِي وُجُوبِهِ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهُ خِلَافًا، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ بِعُمُومِهَا، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] . وَقَالَ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] . يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ يَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ الْقَتْلَ مِنْهُ، شَفَقَةً عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْقَتْلِ، فَتَبْقَى الْحَيَاةُ فِي مَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ. وَقِيلَ: إنَّ الْقَاتِلَ تَنْعَقِدُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبِيلَةِ الْمَقْتُولِ، فَيُرِيدُ قَتْلَهُمْ خَوْفًا مِنْهُمْ. وَيُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ قَبِيلَتِهِ اسْتِيفَاءً، فَفِي الِاقْتِصَاصِ مِنْهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ قَطْعٌ لِسَبَبِ الْهَلَاكِ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] . الْآيَةَ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يَفْدِيَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ، أَوْ خَبَلٍ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ؛ فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ؛ أَنْ يَقْتُلَ، أَوْ يَعْفُوَ، أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ»

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 8  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست