responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 81
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الْحَمَالَةُ، وَالْكَفَالَةُ وَاحِدَةٌ، وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ مَالًا لَزِمَهُ وَبَرِئَ الْمَضْمُونُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالَ وَاحِدٍ عَلَى اثْنَيْنِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ.
وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَن رَأَى أَنَّ الطَّالِبَ يَجُوزُ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ; وكَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ غَائِبًا، أَوْ حَاضِرًا، غَنِيًّا، أَوْ عَدِيمًا: حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِيِّ قَالَ: «تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: نُخْرِجُهَا عَنْكَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ، وَذَكَرَ رَجُلًا تَحَمَّلَ حَمَالَةَ رَجُلٍ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا» . وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا أن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَ الْمَسْأَلَةَ لِلْمُتَحَمِّلِ دُونَ اعْتِبَارِ حَالِ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ.
وَأَمَّا مَحِلُّ الْكَفَالَةِ: فَهِيَ الْأَمْوَالُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» (أَعْنِي: كَفَالَةَ الْمَالِ وَكَفَالَةَ الْوَجْهِ) ، وَسَوَاءٌ تَعَلَّقَتِ الْأَمْوَالُ مِنْ قِبَلِ أَمْوَالٍ، أَوْ مِنْ قِبَلِ حُدُودٍ، مِثْلُ الْمَالِ الْوَاجِبِ فِي قَتْلِ الْخَطَأ، أَوِ الصُّلْحِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ، أَوِ السَّرِقَةِ الَّتِي لَيْسَ يَتَعَلَّقُ بِهَا قَطْعٌ، وَهِيَ مَا دُونَ النِّصَابِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِجَازَةُ الْكَفَالَةِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، أَوْ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْحُدُودِ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ (أَعْنِي كَفَالَةَ النَّفْسِ) .
وَأَمَّا وَقْتُ وُجُوبِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ (أَعْنِي مُطَالَبَتَهُ بِالْكَفِيلِ) : فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى الْمَكْفُولِ إِمَّا بِإِقْرَارٍ وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ.
وَأَمَّا وَقْتُ وُجُوبِ الْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ: فَاخْتَلَفُوا هَلْ تَلْزَمُ قَبْلَ إِثْبَاتِ الْحَقِّ أَمْ لَا؟ فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهَا لَا تَلْزَمُ قَبْلَ إِثْبَاتِ الْحَقِّ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَالشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يَجِبُ أَخْذُ الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ عَلَى إِثْبَاتِ الْحَقِّ، وَهَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا مَتَى يَلْزَمُ ذَلِكَ؟ وَإِلَى كَمْ مِنَ الْمُدَّةِ يَلْزَمُ؟
فَقَالَ قَوْمٌ: إِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ قَوِيَّةٍ مِثْلِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَ ضَامِنًا بِوَجْهِهِ حَتَّى يَلُوحَ حَقُّهُ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْكَفِيلُ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً فِي الْمِصْرِ، فَيُعْطِيهِ حَمِيلًا مِنَ خَمْسَةِ الْأَيَّامِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِمْ حَمِيلٌ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً فِي الْمِصْرِ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، إِلَّا أَنَّهُمْ حَدُّوا ذَلِكَ بِالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ إنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا حَتَّى يُثْبِتَ دَعْوَاهُ أَوْ تَبْطُلَ، وَقَدْ أَنْكَرُوا الْفَرْقَ فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقَ بَيْنَ الَّذِي يَدَّعِي الْبَيِّنَةَ الْحَاضِرَةَ وَالْغَائِبَةَ، وَقَالُوا: لَا يُؤْخَذُ حَمِيلٌ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَذَلِكَ إِلَى بَيَانِ صِدْقِ دَعْوَاهُ أَوْ إِبْطَالِهَا.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست