responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 80
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِذَا عَلِمَ مَوْضِعَهُ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُكَلَّفَ إِحْضَارَهُ إِلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى إِحْضَارِهِ، فَإِنِ ادَّعَى الطَّالِبُ مَعْرِفَةَ مَوْضِعِهِ عَلَى الْحَمِيلِ، وَأَنْكَرَ الْحَمِيلُ؛ كُلِّفَ الطَّالِبُ بَيَانَ ذَلِكَ. قَالُوا: وَلَا يُحْبَسُ الْحَمِيلُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ، فَيُكَلَّفُ حِينَئِذٍ إِحْضَارَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ فِي كِتَابِهِ فِي الْفِقْهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَاخْتَارَهُ.
وَعُمْدَةُ مَالِكٍ: أَنَّ الْمُتَحَمِّلَ بِالْوَجْهِ غَارِمٌ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ إِذَا غَابَ، وَرُبَّمَا احْتَجَّ لَهُمْ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ غَرِيمَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ مَالَهُ أَوْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا، فَلَمْ يَقْدِرْ حَتَّى حَاكَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَتَحَمَّلَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَدَّى الْمَالَ إِلَيْهِ» . قَالُوا: فَهَذَا غُرْمٌ فِي الْحَمَالَةِ الْمُطْلَقَةِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَقَالُوا: إِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْضَارُ مَا تَحَمَّلَ بِهِ وَهُوَ النَّفْسُ، فَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ يُعَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْمَالِ إِلَّا لَوْ شَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَ المال أَوْ يُحْبَسَ فِيهِ، كَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي ضَمَانِ الْوَجْهِ.
وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ: أَنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ إِحْضَارُهُ إِذَا كَانَ إِحْضَارُهُ لَهُ مِمَّا يُمْكِنُ، وَحِينَئِذٍ يُحْبَسُ إِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ، وَأَمَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّ إِحْضَارَهُ لَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ كَمَا أَنَّهُ إِذَا مَاتَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ. قَالُوا: وَمِنْ ضَمِنَ الْوَجْهَ فَأُغْرِمَ الْمَالَ فَهُوَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مَغْرُورًا مِنْ أَنْ يَكُونَ غَارًّا.
فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَطَ الْوَجْهَ دُونَ الْمَالِ وَصَرَّحَ بِالشَّرْطِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ الْمَالَ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا فِيمَا أَحْسَبُ; لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ قَدْ أَلْزَمَ ضِدَّ مَا اشْتَرَطَ، فَهَذَا هُوَ حُكْمُ ضَمَانِ الْوَجْهِ.
وَأَمَّا حُكْمُ ضَمَانِ الْمَالِ: فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَدِمَ الْمَضْمُونُ أَوْ غَابَ أَنَّ الضَّامِنَ غَارِمٌ.
وَاخْتَلَفُوا إِذَا حَضَرَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ وَكِلَاهُمَا مُوسِرٌ: فَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُمَا، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: لِلطَّالِبِ أَنْ يُؤَاخِذَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْكَفِيلِ، أَوِ الْمَكْفُولِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ مَعَ وُجُودِ الْمُتَكَفَّلِ عَنْهُ. وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست