responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 82
وَسَبَبُ هَذَا الِاخْتِلَافِ: تَعَارُضُ وَجْهِ الْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِ ضَامِنٌ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَغِيبَ بِوَجْهِهِ فَيَعْنَتَ طَالِبُهُ، وَإِذَا أُخِذَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى بَاطِلَةً فَيَعْنَتَ الْمَطْلُوبُ، وَلِهَذَا فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ دَعْوَى الْبَيِّنَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنَ الْأَعْرَابِ مَعَهُمْ ظَهْرٌ، فَصَحِبَهُمْ رَجُلَانِ فَبَاتَا مَعَهُمْ، فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ وَقَدْ فَقَدُوا كَذَا وَكَذَا مِنْ إِبِلِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: اذْهَب اطْلُبْ، وَحَبَسَ الْآخَرَ، فَجَاءَ بِمَا ذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: اسْتَغْفِرْ لِي، فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، قَالَ: وَأَنْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَقَتَلَكَ فِي سَبِيلِهِ» خَرَّجَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ في الْفِقْهِ، قَالَ: وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَبْسًا قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ; لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَبْسُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدِي مِنْ بَابِ الْكَفَالَةِ بِالْحَقِّ الَّذِي لَمْ يَجِبْ إِذ كَانَتْ هُنَالِكَ شُبْهَةٌ لِمَكَانِ صُحْبَتِهِمَا لَهُمْ.
فَأَمَّا أَصْنَافُ الْمَضْمُونِينَ: فَلَيْسَ يَلْحَقُ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مَشْهُورٌ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي ضَمَانِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً بِدَيْنِهِ، فَأَجَازَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ.
وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ قَبْلُ أَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَعْلُومٍ قَطْعًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُفْلِسُ. وَاسْتَدَلَّ مَنْ رَأَى أَنَّ الضَّمَانَ يَلْزَمُهُ بِمَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى يُضْمَنَ عَنْهُ» . وَالْجُمْهُورُ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ كَفَالَةُ الْمَحْبُوسِ وَالْغَائِبِ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَأَمَّا شُرُوطُ الْكَفَالَةِ: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّ يَشْتَرِطَانِ فِي وُجُوبِ رُجُوعِ الضَّامِنِ عَلَى الْمَضْمُونِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ بِإِذْنِهِ، وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ.
وَلَا تَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَفَالَةُ الْمَجْهُولِ، وَلَا الْحَقُّ الَّذِي لَمْ يَجِبْ بَعْدُ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَازِمٌ وَجَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ.
وَأَمَّا مَا تَجُوزُ فِيهِ الْحَمَالَةُ بِالْمَالِ مِمَّا لَا تَجُوزُ: فَإِنَّهَا تَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ بِكُلِّ مَالٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ إِلَّا الْكِتَابَةَ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ، وَمَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَشَيْئًا مِثْلَ النَّفَقَاتِ عَلَى الْأَزْوَاجِ، وَمَا شَاكَلَهَا.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست